مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ أُتِيَ بِسَكْرَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَنِ اقْتُلْهُ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ الَّتِي ارْتَكَبَهَا بِشُرْبِ الْخَمْرِ لِتُزِيلَ عَنْهُ الْقِصَاصَ |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ يَذْكُرُ
أَنَّهُ أُتِيَ بِسَكْرَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَنِ اقْتُلْهُ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ الَّتِي ارْتَكَبَهَا بِشُرْبِ الْخَمْرِ لِتُزِيلَ عَنْهُ الْقِصَاصَ وَقَدْ مَضَى اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ هَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السُّكْرِ مَعَ الْقَتْلِ أَمِ الْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي السَّكْرَانِ يَسْرِقُ وَيَقْتُلُ قَالَ تُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ كُلُّهَا قَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) الْبَقَرَةِ 178 فَهَؤُلَاءِ الذُّكُورُ (وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) الْبَقَرَةِ 178 أَنَّ الْقِصَاصَ يَكُونُ بَيْنَ الْإِنَاثِ كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ تُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ كَمَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْأَمَةُ تُقْتَلُ بِالْأَمَةِ كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْقِصَاصُ يَكُونُ بَيْنَ النِّسَاءِ كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالْقِصَاصُ أَيْضًا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) الْمَائِدَةِ 45 فَذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ فَنَفْسُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ بِنَفْسِ الرَّجُلِ الْحُرِّ وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) الْبَقَرَةِ 178 فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ وَعَلَى أَنَّ الْأُنْثَي تُقْتَلُ بِالذَّكَرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 167 وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ قَتَلَ أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ بِهَا أَدَّوْا نِصْفَ الدِّيَةِ إِنْ شاؤوا وَإِلَّا أَخَذُوا الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى حَتَّى يُؤَدُّوا نِصْفَ الدِّيَةِ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَلْقَ عَلِيًّا وَقَدْ رَوَى الْحَكَمُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ بِهَا قَوَدٌ وَهَذَا يُعَارِضُ قَوْلَ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَأَمَّا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفُتْيَا بِالْأَمْصَارِ فَمُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ كَمَا تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) الْمَائِدَةِ 45 وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذَكَرْنَا ذَكَرًا مِنْ أُنْثَى وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا مُخَالَفَةً لِكِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى تَحْرِيفِ التَّأْوِيلِ لِكِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) بَلِ الْكِتَابُ وَالسَّنَّةُ بَيَّنَا مُرَادَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَوْلِهِ (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) الْبَقَرَةِ 178 وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ ذَلِكَ خِلَافًا لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَوْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِحُرٍّ وَلَا تُقْتَلُ أُنْثَى بِأُنْثَى وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ لِإِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْآيَةِ وَرَدٌّ لَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ كَانَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا قَتَلَ الشَّرِيفُ مِنْهُمْ عبدا قالوا لا يقتل به إلا حرا وَكَانَ فِيهِمُ الْقَوَدُ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) الْبَقَرَةِ 178 يَعْنِي الدِّيَةَ (فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وأداء إليه بإحسن ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) الْبَقَرَةِ 178 وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَمَنْ رَوَى عَنْهُ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُقْتَلُ بِهَا الرَّجُلُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْلِيَاؤُهَا نِصْفَ الدِّيَةِ لِأَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ فَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ وَالْقِيَاسِ وَالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مُجْمِعُونَ أَنَّ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ لَهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 168 أَرْشًا أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فَأَخَذَ لَهَا دِيَتَهَا أو رجله أو كان أشل أو أعور مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ لِذَلِكَ شَيْئًا فَقَتَلَ رَجُلًا سَالِمَ الْأَعْضَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَقْتُلَ الْأَعْوَرَ وَيَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ الدِّيَةِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَتَلَ ذَا عَيْنَيْنِ وَهُوَ أَعْوَرُ وَقَتَلَ ذَا يَدَيْنِ وَهُوَ أَشَلُّ وَهَذَا يَدُلُّ على أن النفس مكافئة للنفس ويكافىء الطِّفْلُ فِيهَا الْكَبِيرَ وَيُقَالُ لِقَائِلِ ذَلِكَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَا تُكَافِئُهُ الْمَرْأَةُ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ فَلِمَ قَتَلْتَ الرَّجُلَ بِهَا وَهِيَ لَا تُكَافِئُهُ ثُمَّ أَخَذْتَ نِصْفَ الدِّيَةِ وَالْعُلَمَاءُ أَجْمَعُوا أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْقِصَاصِ وَأَنَّ الدِّيَةَ إِذَا قُبِلَتْ حَرُمَ الدَّمُ وَارْتَفَعَ الْقِصَاصُ فَلَيْسَ قَوْلُكُ هَذَا بِأَصْلٍ وَلَا قِيَاسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتِجَاجُ مَالِكٍ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) الْمَائِدَةِ 45 دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ إِنْ كَانَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ فِي شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَلَمْ يُنَزِّلْ فِي كِتَابِنَا أَنَّهُ لَهُمْ خَاصَّةً وَلَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ لَهُمْ دُونَنَا وَلَمْ يُشْرَعْ لَنَا خِلَافَهُمْ فَهُوَ شَرْعٌ لَنَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَ نَبِيَّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ إِلَّا أَنْ يُشَرِّعَ لَهُ مِنْهَاجًا غَيْرَ مَا شَرَعَ لَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فبهدهم اقْتَدِهِ) الْأَنْعَامِ 90 قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُمْسِكُ الرَّجُلَ لِلرَّجُلِ فَيَضْرِبُهُ فَيَمُوتُ مَكَانَهُ أَنَّهُ إِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ قُتِلَا بِهِ جَمِيعًا وَإِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ الضَّرْبَ مِمَّا يَضْرِبُ بِهِ النَّاسَ لَا يَرَى أَنَّهُ عَمَدَ لِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُعَاقَبُ الْمُمْسِكُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ وَيُسْجَنُ سَنَةً لِأَنَّهُ أَمْسَكَهُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ قَالَ أبو عمر روى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ إِنْ أَمْسَكَهُ حَتَّى يَقْتُلَهُ قُتِلَا بِهِ جَمِيعًا وقال بن جُرَيْجٍ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ الْإِجْمَاعُ عِنْدَنَا فِي الْمُمْسِكِ وَالْقَاتِلِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي دَمِهِ يُقْتَلَانِ بِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ فِيمَنْ أَمْسَكَ رَجُلًا حَتَّى قَتَلَهُ آخر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 169 فَالْقَوَدُ عَلَى الْقَاتِلِ دُونَ الْمُمْسِكِ وَيُعَاقَبُ الْمُمْسِكُ وَقَالَ اللَّيْثُ إِنْ أَمْسَكَهُ لِيَضْرِبَهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْقَاتِلُ وَعُوقِبَ الْآخَرُ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ اللَّيْثُ وَلَوْ أَمَرَ غُلَامَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قُتِلَا بِهِ جَمِيعًا وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ لَوْ أَمْسَكَ رَجُلٌ رَجُلًا لِآخَرَ فَذَبَحَهُ قُتِلَ بِهِ الرَّجُلُ الذَّابِحُ دُونَ الْمُمْسِكِ كَمَا يُحَدُّ الزَّانِيَ دُونَ الَّذِي أَمْسَكَ الْمَرْأَةَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُمْسِكُ مُعِينٌ وَلَيْسَ بِقَاتِلٍ وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ الوجهين جَمِيعًا الْعَوْنَ وَالْمُبَاشَرَةَ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَعَانَهُ وَلَمْ يَحْضُرْ قَتْلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَقَدْ رَوَى وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ إسماعيل بن أمية ورواه معمر وبن جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رَجُلٍ أَمَسَكَ رَجُلًا وَقَتَلَهُ آخَرُ أَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسَ الْمُمْسِكُ وَقَالَ وَكِيعٌ حَدَّثَنِي جَابِرٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى أَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسَ الْمُمْسِكُ وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أن عليا أتي برحلين قَتَلَ أَحَدَهُمَا وَأَمْسَكَ الْآخَرُ فَقَتَلَ الَّذِي قَتَلَ وَقَالَ لِلْمُمْسِكِ أَمْسَكْتَهُ لِلْمَوْتِ وَأَنَا أَحْبِسُكَ فِي السِّجْنِ حَتَّى تَمُوتَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ وُجُوهٍ وَقَالَ بِهِ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَقَالَ شُعْبَةُ سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنِ الرَّجُلِ يَمْسِكُ الرَّجُلَ وَيَقْتُلُهُ الْآخَرُ قَالَ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسُ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هِيَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ مُتَقَارِبَاتٌ مَسْأَلَةُ الْمُمْسِكِ وَمَسْأَلَةُ الْآمِرِ غَيْرَهُ وَمَسْأَلَةُ الْآمِرِ عَبْدَهُ فَنَذْكُرُهُمَا هُنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ الْقَتْلُ عَلَى الْقَاتِلِ دُونَ الْآمِرِ وَيُعَاقَبُ الْآمِرُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَسُلَيْمَانَ بن موسى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 170 وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ يُقْتَلَانِ جَمِيعًا وَهُمَا شَرِيكَانِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرَّجُلِ يَأْمُرُ عَبْدَهُ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُقْتَلُ السَّيِّدُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَزَادَ وَيُضْرَبُ الْعَبْدُ وَيُسْجَنُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ يُقْتَلُ الْعَبْدُ وَيُعَزَّرُ السَّيِّدُ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّ وَقَالَ قَتَادَةُ يُقْتَلَانِ جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَ الْعَبْدُ فَصِيحًا يَعْقِلُ قُتِلَ الْعَبْدُ وَعُوقِبَ السَّيِّدُ وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا فَعَلَى السَّيِّدِ الْقَوَدُ وهذا كقول مالك سواء في رواية بن وَهْبٍ عَنْهُ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَا يُقْتَلُ الْآمِرُ وَلَكِنْ يُغَرَّمُ الدِّيَةَ وَيُحْبَسُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ رَجُلًا بِقَتْلِ رَجُلٍ وَالْمَأْمُورُ يَعْلَمُ أَنَّهُ أُمِرَ بِقَتْلِهِ ظُلْمًا كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقَوَدُ وَفِي الْمَأْمُورِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ وَالْآخَرُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَقَالَ شُعْبَةُ سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا عَنِ الرَّجُلِ يَأْمُرُ الرَّجُلَ فَيَقْتُلُ الرَّجُلَ فَقَالَا يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ قَوَدٌ وَقَالَ وَكِيعٌ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ فِي رَجُلٍ أَمَرَ عَبْدَهُ فَقَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَقَالَ يُقْتَلُ الْعَبْدُ وَوَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي الرَّجُلِ يَأْمُرُ الرَّجُلَ فَيَقْتُلُ قَالَ هُمَا شَرِيكَانِ قَالَ وَكِيعٌ هَذَا عِنْدَنَا فِي الْإِثْمِ وَأَمَّا الْقَوَدُ فَهُوَ عَلَى الْقَاتِلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ هَذَا مَنْصُوصًا عَنْ إبراهيم قال أبو بكر حدثني بن سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَمِيرٍ أَمَرَ رَجُلًا فَقَتَلَ رَجُلًا فَقَالَ هُمَا شَرِيكَانِ فِي الْإِثْمِ قَالَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يَأْمُرُ عَبْدًا لَهُ بِقَتْلِ الرَّجُلِ قَالَ يُقْتَلُ السَّيِّدُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 171 عَنْ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي رَجُلِ أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا قَالَ إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ سَوْطِهِ أَوْ سَيْفِهِ وَقَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الرَّجُلِ يَأْمُرُ عَبْدَهُ فَيَقْتُلُ رَجُلًا قَالَ يُقْتَلُ الْمَوْلَى قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا أَوْ يَفْقَأُ عَيْنَهُ عَمْدًا فَيُقْتَلُ الْقَاتِلُ أو تفقأ عين الفاقىء قَبْلَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دِيَةٌ وَلَا قِصَاصٌ وَإِنَّمَا كَانَ حَقُّ الَّذِي قُتِلَ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فِي الشَّيْءِ بِالَّذِي ذَهَبَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا ثُمَّ يَمُوتُ الْقَاتِلُ فَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الدَّمِ إِذَا مَاتَ الْقَاتِلُ شَيْءٌ دِيَةٌ وَلَا غَيْرُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ عَمْدًا لَا يَمْلِكُ نَفْسَ الْمَقْتُولِ فَيَطْلُبُ بَدَلَهَا مِنْ قَاتِلِهِ وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَكَذَلِكَ الَّذِي فُقِئَتْ عَيْنُهُ عَمْدًا فَإِذَا ذَهَبَ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِالْقِصَاصِ بطل الدم وهذا قول بن الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنْ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ لَيْسَ مُخَيَّرًا فِي الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا لَهُ الْقِصَاصُ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى شَيْءٍ وَأَمَّا رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْهُ فِي تَخْيِيرِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ إِنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الدِّيَةُ إِنْ شَاءَ عَلَى الْقَاتِلِ الثَّانِي وَإِنْ شاء قتله وروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ عَمْدًا فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَتَلَ الْقَاتِلَ عَمْدًا قِيلَ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْآخَرِ أَرْضُوا أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَخُذُوا قَاتِلَ قَاتِلِكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ مَا شِئْتُمْ فَإِنْ أَرْضَوْا أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا دُفِعَ الثَّانِي إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ يَصْنَعُوا بِهِ مَا أَحَبُّوا وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا قُتِلَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ فَلَا حَقَّ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَاتِلِ الثَّانِي وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَلَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ قَتَلَ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا شَيْءَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 172 وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يُقْتَلُ الَّذِي قَتَلَهُ وَبَطَلَ دَمُ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِيهَا كَرِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْقَاتِلِ الْقِصَاصَ إِلَّا أن يشاؤوا أخذ الدية وروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ عَمْدًا فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَشُلَّتْ يَدُهُ أَوْ قُطِعَتْ فِي سَرِقَةٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلَّذِي فُقِئَتْ عَيْنُهُ وَلَا لِلَّذِي قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ مَالٍ أَوْ قِصَاصٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِصَارُ هَذَا الْبَابِ أَنْ نَقُولَ لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقُتِلَ قَاتِلُهُ فِي حِرَابَةٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ مَاتَ فَلَا شَيْءَ لِوَلِيِّهِ وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ فِي سَرِقَةٍ أَوْ ذَهَبَتْ بِآفَةٍ مِنَ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فَلَا حَقَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ وَلَا قِصَاصٍ وَوَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ مَالِكًا فِي النَّفْسِ وَخَالَفَهُ فِي الْأَعْضَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهُ الدِّيَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ جميعا في النفس والأعضاء قال مَالِكٌ فَإِنْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ الْقَاطِعِ عَمْدًا كَانَ لِلْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاطِعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ كَانَ أَحَقَّ بِيَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ قَطْعَهَا خَطَأً فَعَلَى الْقَاطِعِ الثَّانِي دِيَةُ الْيَدِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا إِنَّمَا يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ فِي سَرِقَةٍ أَوْ فِي قِصَاصٍ لِآخَرَ فَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ أَرْشُ يَدِهِ وَإِنْ قَطَعَهَا إِنْسَانٌ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ قَطَعَ الثَّانِيَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ وَرَوَى قَتَادَةُ وَفِرْقَةٌ فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَحُبِسَ الْقَاتِلُ لِلْقَوَدِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَتَلَهُ عَمْدًا قَالَ لَا يُقَادُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَتَلَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ قَالَ هَذَا قَاسَهُ عَلَى مَنْ وَجَبَ الْقَتْلُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ كَالْمُرْتَدِّ أَوْ كَالْمُحْصَنِ الزَّانِي إِذَا حُبِسَ أَحَدُهُمَا لِلْقَتْلِ أَوِ الرَّجْمِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا وَهَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ من وجب عليه حق لله (عَزَّ وَجَلَّ) لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ خِيَارٌ وَأَمَّا إِذَا وَجَبَ الْحَقُّ لِلْأَوْلِيَاءِ فَلَهُمُ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ وَلَهُمْ أَيْضًا أَخْذُ الدِّيَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي الَّذِي فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ عَمْدًا فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ تِلْكَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصَّ منه الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 أَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَذَهَبَتْ تِلْكَ الْيَدُ مِنْهُ هَلْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَهُ الْأُخْرَى أَوْ يَدَهُ الْأُخْرَى فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة وأصحابهم لا تأخذ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَلَا الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى لَا فِي الْعَيْنِ وَلَا فِي الْيَدِ وَلَا تُؤْخَذُ السِّنُّ إلا بمثلها من الجاني وقال بن شُبْرُمَةَ تُفْقَأُ الْعَيْنُ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَالْيُسْرَى بِالْيُمْنَى وَكَذَلِكَ الْيَدُ وَتُؤْخَذُ الثَّنِيَّةُ بِالضِّرْسِ وَالضِّرْسُ بِالثَّنِيَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ) الْمَائِدَةِ 45 وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ إِذَا قُطِعَ أُصْبُعٌ مَنْ كَفٍّ فَلَمْ يَكُنْ لِلْقَاطِعِ مِنْ تِلْكَ الْكَفِّ مِثْلُ تِلْكَ الْأُصْبُعِ قُطِعَ مِنْ تِلْكَ الْكَفِّ أُصْبُعٌ مِثْلُهَا تَلِيهَا وَلَا تُقْطَعُ أُصْبُعُ كَفٍّ بِأُصْبُعِ كَفٍّ أُخْرَى قَالَ وَكَذَلِكَ تُقْلَعُ السِّنُّ الَّتِي تَلِيهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْقَاطِعِ سِنٌّ مِثْلُهَا وَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ الْأَضْرَاسَ قَالَ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَالْيُسْرَى بِالْيُمْنَى وَلَا تُؤْخَذُ الْيَدُ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَلَا الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى قَالَ أَبُو عمر أجمعوا على أن عين الفاقىء إذا كانت صحيحة لم يكن للمفقئ عَيْنُهُ أَنْ يَأْخُذَ غَيْرَهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) الْمَائِدَةِ 45 مَا قَابَلَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَوَدٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْعَبْدُ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ إِذَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا وَهُوَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ فَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ وَأَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ وَخَالَفَهُ اللَّيْثُ فِي الْقِصَاصِ فِي أَعْضَاءِ الْعَبْدِ بِالْحُرِّ فَقَالَ إِذَا جَنَى الْعَبْدُ عَلَى الْحُرِّ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَالْحُرُّ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ مِنَ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءَ كَانَتِ الْجِنَايَةُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ وَقَدْ نَاقَضَ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ خِيَارًا لِلرَّجُلِ فِي جِنَايَةِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِ فِي أَعْضَائِهِ وَهِيَ نَاقِصَةٌ عَنْهُ فِي الدِّيَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 174 وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ يُقْتَلُ بِالْمُؤْمِنِ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ الْحُرُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَنْ جَرَى عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ جَرَى عَلَيْهِ فِي الْجِرَاحِ وَلَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قِصَاصٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْحُرُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدَ إِلَّا فِي النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ وَلَا قِصَاصَ بَيْنَهُمَا فِي شيء من الجراح والأعضاء وقال بن أَبِي لَيْلِي الْقِصَاصُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِي النَّفْسِ وَفِي كُلِّ مَا يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقِصَاصُ مِنَ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى) النِّسَاءِ 92 فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعَبِيدُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَا الْأَحْرَارَ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ أُرِيدَ بِهِ الْأَحْرَارُ دُونَ الْعَبِيدِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قِصَاصٌ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَار فِي مَا دُونَ النَّفْسِ فَالنَّفْسُ أَحْرَى بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) الْبَقَرَةِ 178 وَلَوْلَا الْإِجْمَاعُ فِي قَتْلِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ لَكَانَ ذَلِكَ حُكْمَ الْأُنْثَى بالأنثى واتفق أبو حنيفة وأصحابه والثوري وبن أَبِي لِيَلِيَ وَدَاوُدُ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عن علي وبن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَالْحَكَمُ ذَكَرَ وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْحُرِّ يَقْتُلُ الْعَبْدَ عَمْدًا قَالَ اقْتُلْهُ بِهِ وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْيَمَنِ قَتَلْتُهُمْ به الجزء: 8 ¦ الصفحة: 175 وقال مالك والليث والشافعي وبن شُبْرُمَةَ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالشَّعْبِيِّ قَالَ وَكِيعٌ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ إِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَمْدًا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَكَانَ الشَّعْبِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولَانِ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِعَبْدِ غَيْرِهِ وَلَا يُقْتَلُ بِعَبْدِهِ قَالَ سُفْيَانُ كَمَا لَوْ قَتَلَ ابْنَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَأَرَى أَنْ يُعَزَّرَ وَقَدْ نَاقَضَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي آرَائِهِمْ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْحُرِّ بِيَدِ الْعَبْدِ وَهُوَ يَقْتُلُهُ بِهِ وَالنَّفْسُ أَعْظَمُ حُرْمَةً فَإِذَا لَمْ يُكَافِئْهُ فِي الْيَدِ فَأَحْرَى أَلَّا يُكَافِئَهُ فِي النَّفْسِ وَاحْتِجَاجُ أَصْحَابِهِ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَبْدٍ لِقَوْمٍ قَطَعَ أُذُنَ عَبْدٍ لِقَوْمٍ فَلَمْ يَجْعَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ قِصَاصًا لَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَوْ تَأَمَّلَهُ الْمُحْتَجُّ لَهُمْ مَا احْتَجَّ بِهِ وَكَذَلِكَ حُجَّتُهُمْ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ لَا تَقُومُ لَهُمْ بِهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَمُرَةَ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ صَحِيحًا عَنِ الْحَسَنِ مَا كَانَ خَالَفَهُ فَقَدْ كَانَ يُفْتِي بِأَنْ لَا يُقْتَلَ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ بِهِ قَالَ ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ نَسِيَ هَذَا الْحَدِيثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ يَقُولُ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 176 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ وَرَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَيْهِ قَالَ وَسَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ عِنْدِي صَحِيحٌ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنْ قَالُوا لَمَّا كَانَ أَمَانُ الْعَبْدِ كَأَمَانِ الْحُرِّ وَتَحْرِيمُ دَمِهِ كَتَحْرِيمِ دَمِ الْحُرِّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُكَافِئًا لَهُ فِي الْقِصَاصِ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ عِلَّةٌ قَدْ أَتَتْ بِبُطْلَانِهَا السُّنَّةُ لِأَنَّ دَمَ الذِّمِّيِّ مُحَرَّمٌ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُعَارِضُ حَدِيثَ سَمُرَةَ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِضَعْفِهِ وَسُوءُ نَقْلِهِ فَإِنَّهُ مِمَّا يُسْتَظْهَرُ بِهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَتَلَ عَبْدَهُ عَمْدًا فَجَلَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً وَنَفَاهُ سَنَةً وَمَحَا اسْمَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُقِدْ مِنْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ لَا يُقْتَلُ الْمَوْلَى بِعَبْدِهِ وَلَكِنْ يُضْرَبُ وَيُطَالُ حَبْسُهُ وَيُحْرَمُ سَهْمُهُ وَكَانَا لَا يَقْتُلَانِ الْحُرَّ بِالْعَبْدِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَمَانِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنِي مَحْبُوبُ بْنُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 177 مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنِ بن أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيَعْقِدُ عَلَيْهِمْ أُولَاهُمْ وَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ |