مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عبد اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي حَوَائِجِهِمَا فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَقَدِمَ مُحَيِّصَةُ فَأَتَى هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ (...) |
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عبد
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 192 اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي حَوَائِجِهِمَا فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَقَدِمَ مُحَيِّصَةُ فَأَتَى هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَتَكَلَّمَ لِمَكَانِهِ مِنْ أَخِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبِّرْ كَبِّرْ فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ فَذَكَرَا شَأْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ قَالُوا يَا رَسُول اللَّهِ لَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَحْضُرْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَزَعَمَ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي إِرْسَالِهِ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ لِسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ذِكْرٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ جَعَلُوهُ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سَمَاعَ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ لَهُ مِنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فَإِنَّ مَالِكًا فِي حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ وَعِلْمِهِ بِحَدِيثِ أَهْلِ بَلَدِهِ قَدْ أَرْسَلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ بُشَيْرَ بْنَ يَسَارٍ وَمَا أَظُنُّ الْبُخَارِيَّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - تَرَكَ إِخْرَاجَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ هَذَا إِلَّا لِإِرْسَالِ مَالِكٍ لَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ مَنْ خَالَفَهُ وَرَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَأَسْنَدَهُ حُجَّةً عَلَى مَالِكٍ وَخَرَّجَهُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بن عبيد الطائي عن بشير بن يسار عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَعْنَى مَا جَاءَ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِيهِ مِنْ تَبْدِئَةِ السَّاعِي الْمُدَّعِي بِالْأَيْمَانِ وَقَدْ أَخْطَأَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ سَعِيدَ بْنَ عُبَيْدٍ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ وَذَمُّوا الْبُخَارِيَّ فِي تَخْرِيجِهِ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَتَرْكِهِ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الَّذِي فِيهِ تَبْدِئَةُ الْمُدَّعِي بِالْأَيْمَانِ وَمِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَدًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَبُشَيْرُ بْنُ الْفَضْلِ وَقَالَ فِيهِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 193 يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَزَادَ فِيهِ مَعَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وَقَالَ فِيهِ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ يَحْيَى حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَكُلُّهُمْ رَوَوْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِمَعْنَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي تَبْدِئَةِ الْأَنْصَارِ الْمُدَّعِينَ بِالْأَيْمَانِ إِلَّا سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فَإِنَّهُ اختلف عنه في ذلك فرواه عنه بن أَبِي عُمَرَ بِسِيَاقَةِ مَالِكٍ وَقَالَ فِي آخِرِهِ لَا أَدْرِي بَدَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بيمين المدعين أو المدعى عَلَيْهِمْ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي بَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ يَقُولُ وَجَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ قَتِيلًا بِخَيْبَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لِلْأَنْصَارِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ تُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْتُلُوهُ فَقَالُوا وَكَيْفَ نَرْضَى بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ قَالَ فَيُقْسِمُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ قَالُوا كَيْفَ نُقْسِمُ عَلَى مَا لَمْ نَرَ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ فَبَدَأَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ تُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ فَيُقْسِمُ مِنْكُمْ وَهَذَا مَعْنَى مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ سَهْلٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ سَائِرُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِمَعْنَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ تَبْدِئَةِ الْمُدَّعِي بِالْأَيْمَانِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ أَثْبَتُ الناس في بن عُيَيْنَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَنْ قَالَ فِيهِ عَنِ بن عُيَيْنَةَ تَبْدِئَةُ الْيَهُودِ بِالْأَيْمَانِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَمْ يُصِبْ وَالصَّحِيحُ فِي حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ تَبْدِئَةُ الْمُدَّعِينَ وَهُمُ الْأَنْصَارُ بِالْأَيْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ذَكَرَ فِيهِ تَبْدِئَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ بِالْأَيْمَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ الرّوَايَاتِ بِذَلِكَ كُلِّهِ بِالْأَسَانِيدِ عَنْ مَنْ ذَكَرْنَا فَسِيَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْحَدِيثِ بِمَعْنَى مَا وَصَفْتُ عَنْهُ إِلَّا رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الَّتِي ذَكَرْنَا فَنَذْكُرُهَا هُنَا لِأَنَّا لَمْ نَذْكُرْهَا هُنَاكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 194 حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَحَدَّثَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ بِخَيْبَرَ وَكَانَ خَرَجَ إِلَيْهَا فِي أَصْحَابٍ لَهُمْ يَتَّمَّارُونَ مِنْهَا تَمْرًا فَوُجِدَ فِي عَيْنٍ قَدْ كُسِرَتْ عُنُقُهُ ثُمَّ طُرِحَ فِيهَا فَأَخَذُوهُ فَغَيَّبُوهُ ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ شَأْنَهُ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَعَهُ ابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا وَكَانَ صَاحِبَ الدَّمِ وَكَانَ ذَا قَدَمٍ فِي الْقَوْمِ فَلَمَّا تَكَلَّمَ قَبْلَ ابْنَيْ عَمِّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكُبْرَ الْكُبْرَ فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ هُوَ بَعْدُ فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ صَاحِبِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُسَمُّونَ قَاتِلَكُمْ ثُمَّ تَحْلِفُونَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا فَيُسَلَّمُ إِلَيْكُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ عَلَى مَا لَا نَعْلَمُ قَالَ فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ بِاللَّهِ - يَعْنِي الْيَهُودَ - خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلُوهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قاتلا ثم يبرؤون مِنْ دَمِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا كُنَّا لِنَقْبَلَ أَيْمَانَ يَهُودَ مَا فِيهِمْ مِنَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى إِثْمٍ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ بِمِائَةِ نَاقَةٍ قَالَ سَهْلٌ فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى بَكْرَةً مِنْهَا حَمْرَاءَ ضَرَبَتْنِي وَأَنَا أَحُوزُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ تَبْدِئَةُ الْمُدَّعِينَ لِلدَّمِ بِالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَإِلَيْهَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي الْقَسَامَةِ حَدِيثُ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقَدْ وَصَلَهُ عَنْهُ حفاظ وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ حَكَى هَذَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ وَحَسْبُكَ بِأَحْمَدَ إِمَامَةً فِي الْحَدِيثِ وَعِلْمًا بِصَحِيحِهِ مِنْ سَقِيمِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُ فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي فِيهَا أَنَّ الْيَهُودَ بَدَأَهُمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْأَيْمَانِ فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 195 أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ قَالُوا كُلُّهُمْ حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقُوا فِيهَا فَوَجَدُوا مِنْهُمْ قَتِيلًا فَقَالُوا لِلَّذِي وَجَدُوهُ عِنْدَهُمْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا فَقَالُوا مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عِلْمنَا لَهُ قَاتِلًا قَالَ فَانْطَلَقُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ انْطَلَقْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَوَجَدْنَا أَخَانَا قَتِيلًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكُبْرَ الْكُبْرَ وَقَالَ لَهُمْ تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ فَقَالُوا مَا لَنَا بَيِّنَةٌ قَالَ فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ قَالُوا مَا نَرْضَى أَيْمَانَ يَهُودَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يطل ذمه فَوَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ علي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عن رجال من الْأَنْصَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيَهُودَ وَبَدَأَ بِهِمْ أَيَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا فَأَبَوْا فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ أَتَحْلِفُوا فَقَالُوا أَنَحْلِفُ عَلَى الْغَيْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةً عَلَى يَهُودَ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْن أَظْهُرِهِمْ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ أَصْبَحَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مَقْتُولًا فَانْطَلَقَ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُمْ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى قَتْلِ صَاحِبِكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا هُمْ يَهُودُ وَقَدْ يَجْسُرُونَ عَلَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا قَالَ فَاخْتَارُوا مِنْكُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا يَحْلِفُونَ فَأَبَوْا فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 196 قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ لِأَنَّ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَّأَ الْأَنْصَارَ بِالْأَيْمَانِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ الْأَنْصَارَ الْبَيِّنَةَ فَلَمَّا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ أَرَادَ أَيْمَانَ الْيَهُودِ فَلَمْ يَرْضَوْا بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ فَأَرَادَ أَيْمَانَهُمْ لِيَقْضِيَ لَهُمْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ دِيَةٍ أَوْ قَوَدٍ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَهَذِهِ قِصَّةٌ لَمْ يَحْكُمْ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ لِإِبَاءِ الْمُدَّعِينَ مِنَ الْأَيْمَانِ وَمِنْ قَبُولِ أَيْمَانِ الْيَهُودِ وَتَبَرَّعَ بِأَنْ جَعَلَ الدِّيَةَ مِنْ مَالِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) لِئَلَّا يُطَلَّ دَمُ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا أَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمَرْوِيَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الِاضْطِرَابِ وَالتَّضَادِّ مَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَإِنَّ الْآثَارَ فِيهَا مُتَضَادَّةٌ مُتَدَافِعَةٌ وَهِيَ قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَسَامَةِ وما يوجبها والأيمان فيها ومن يبدؤوا بِهَا وَهَلْ يَجِبُ بِهَا الْقَوَدُ أَوْ لَا يُسْتَحَقُّ بِهَا غَيْرُ الدِّيَةِ وَفِي مَنْ أَثْبَتَهَا وَذَهَبَ فِيهَا إِلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَمَنْ نَفَاهَا جُمْلَةً وَلَمْ يَرَهَا وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ مَا يَضِيقُ بِتَهْذِيبِهِ وَتَلْخِيصِ وجوبه كتاب فضلا عن أن يجمعع فِي بَابٍ وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ هُنَا مَا يَكْفِي وَيَشْفِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ الْقَسَامَةَ فَرِيقَانِ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ يَعْتَبِرُونَ الشُّبْهَةَ لِلْبَيِّنَةِ وَاللَّوْثِ وَاللَّطْخِ وَمَا غَلَبَ عَلَى الْعَقْلِ وَالظَّنِّ فَهُمْ يَطْلُبُونَ مَا يُتَطَرَّقُ بِهِ إِلَى حِرَاسَةِ الدِّمَاءِ وَلَمْ يَطْلُبْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الشَّهَادَةَ الْقَاطِعَةَ وَلَا الْعِلْمَ الصَّحِيحَ الْبَتِّ وَهَؤُلَاءِ وَأَصْحَابُهُمْ يُبَدِّئُونَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الدَّمَ بِالْأَيْمَانِ فِي دَعْوَى الدَّمِ وَطَائِفَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَكْثَرُ الْبَصْرِيِّينَ يُوجِبُونَ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ لِوُجُودِ الْقَتِيلِ عَلَى أَهْلِ الْمَوْضِعِ مَا يَعْتَبِرُونَ غَيْرَ ذَلِكَ وَكُلُّهُمْ يَرَى الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ مَعَ الدِّيَةِ دُونَ الْمُدَّعِينَ وَكُلُّهُمْ وَاحِدٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ يَنْزِعُ بَابًا نَشْهَدُ لَهُ بِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فَنَبْدَأُ بِقَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ نُرْدِفُهُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ بِحَوَلِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 197 قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي سَمِعْتُ مِمَّنْ أَرْضَى فِي الْقَسَامَةِ وَالَّذِي اجْتَمَعَتْ عليه الأئمة في القديم والحديث أن يبدأ بِالْأَيْمَانِ الْمُدَّعُونَ فِي الْقَسَامَةِ فَيَحْلِفُونَ وَأَنَّ الْقَسَامَةَ لَا تَجِبُ إِلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يقول المقتول دمي عند فلان أو يأتي وُلَاةُ الدَّمِ بِلَوْثٍ مِنْ بَيِّنَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً عَلَى الَّذِي يُدْعَى عَلَيْهِ الدَّمُ فَهَذَا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ لِلْمُدَّعِينَ الدَّمَ عَلَى مَنِ ادَّعَوْهُ عَلَيْهِ وَلَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ عِنْدَنَا إِلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ مَالِكٌ وَتِلْكَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ أَنَّ الْمُبَدَّئِينَ بِالْقَسَامَةِ أَهْلُ الدَّمِ وَالَّذِينَ يَدَّعُونَهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ بَدَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَارِثِيِّينَ فِي قَتْلِ صَاحِبِهِمُ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا أَصْحَابِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ قَبْلَ مَوْتِهِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ أَنَّهُ لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَلَمْ يُتَابِعْ مَالِكًا عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَإِنَّهُ تَابَعَهُ فَقَالَ الَّذِي تُوجِبُهُ الْقَسَامَةُ أَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ فُلَانٌ قَتَلَنِي أَوْ يَأْتِي مِنَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالنَّصَارَى وَمَنْ يُشْبِهُهُمْ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِشَهَادَتِهِ أَنَّهُ رَأَى هَذَا حِينَ قَتَلَ هَذَا فَإِنَّ الْقَسَامَةَ تَكُونُ مَعَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَا رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ فِي مَعْنَى اللَّوْثِ الْمُوجِبِ لِلْقَسَامَةِ فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ الْعَدْلَ لَوْثٌ وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ أَنَّ الْوَاحِدَ الْعَدْلَ لوث وإن لم يكن عدلا قال وقال لِي مَالِكٌ اللَّوْثُ الْأَمْرُ الَّذِي لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَلَا قَاطِعٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ هَلْ تَكُونُ شَهَادَتُهَا لَوْثًا تُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ أَقْوَالِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا مِثْلُ الطَّيِّبِ مِثْلُ السَّلْبِ الَّذِي قَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَسَامَةِ حَكَمْتُ بِهَا وَجَعَلْتُ الدِّيَةَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَإِنْ قِيلَ وَمَا كَانَ السَّبَبُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل كانت خيبر دار يَهُودَ مَحْضَةً وَلَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ وَكَانَتِ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَبَيْنَهُمْ ظَاهِرَةً وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَوُجِدَ قَتِيلًا قَبْلَ اللَّيْلِ فَيَكَادُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى مَنْ سَمِعَ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ إِلَّا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 198 بَعْضُ الْيَهُودِ فَإِذَا كَانَتْ دَارَ يَهُودَ مَحْضَةً أَوْ قَبِيلَةً وَكَانُوا أَعْدَاءَ الْمَقْتُولِ فَادَّعَى الْوَلِيُّ قَتْلَهُ عَلَيْهِمْ فَلَهُمُ الْقَسَامَةُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ نَفَرٌ بَيْتًا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ أو كانوا فِي صَحْرَاءَ أَوْ كَانَ زِحَامٌ فَلَا يَفْتَرِقُونَ إِلَّا وَقَتِيلٌ بَيْنَهُمْ أَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي نَاحِيَةٍ لَيْسَ إِلَى جَنْبِهِ عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ إِلَّا بِرَجُلٍ مُخَضِّبٍ بِدَمِهِ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ أَوْ تَأْتِي بَيِّنَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ نَوَاحٍ شَتَّى لَمْ يَجْتَمِعُوا فَيَشْهَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الانْفِرَادِ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَتَتَوَطَّأُ شَهَادَتُهُمْ وَلَمْ يَسْمَعْ بَعْضُهُمْ شَهَادَةَ بَعْضٍ وَلَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَعْدِلُ أَوْ يَشْهَدُ رَجُلٌ عَدْلٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا يَغْلِبُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ كَمَا ادَّعَى وَلِيُّ الْمَقْتُولِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَمِينَ لَا يُسْتَحَقُّ بِهَا شَيْءٌ وَإِنَّمَا هِيَ لِدَفْعِ الدَّعْوَى إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ فِي الْأَمْوَالِ أَنْ تُؤْخَذَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَفِي دَعْوَى الدِّمَاءِ أَنْ تُسْتَحَقَّ بِهَا إِذَا كَانَ مَعَهَا مَا يَغْلِبُ عَلَى قُلُوبِ الْحُكَّامِ أَنَّهُ مُمْكِنٌ غَيْرُ مَدْفُوعٍ مِنَ الْأَمْوَالِ الَّتِي وَصَفْنَا قَالَ وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ وَكُلُّ مَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ وَفِي جُمْلَتِهِمْ وَسَوَاءٌ كَانَ بِالْقَتِيلِ جُرْحٌ أَوْ أَثَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ بِمَا لَا أَثَرَ لَهُ قَالَ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ لَمْ يُقْسِمِ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ إِلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ أَوْ إِقْرَارٍ مِنْهُ بِذَلِكَ قَالَ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى دَعْوَى الْمَيِّتِ وَقَوْلِهِ دَمِيَ عِنْدَ فُلَانٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَلَّا يُعْطَى أَحَدٌ بِدَعْوَاهُ شَيْئًا دَمًا وَلَا غَيْرَهُ قَالَ وَلِوَرَثَةِ الْقَتِيلِ أَنْ يُقْسِمُوا وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا عَنْ مَوْضِعِ الْقَتِيلِ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ بِاعْتِرَافِ الْقَاتِلِ عِنْدَهُمْ وَبِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ لَا يَقْبَلُهَا الْحَاكِمُ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ عِنْدَهُمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ مَا يَعْلَمُ مَا غَابَ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ اتَّقُوا اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بَعْدَ الِاسْتِثْبَاتِ وَالْيَقِينِ عَلَى مَنْ تَدَّعُونَ الدَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ أَيْمَانَهُمْ مَتَى حَلَفُوا مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ كَافِرِينَ عَلَى مُسْلِمِينَ وَعَلَى كَافِرِينَ لِأَنَّ كُلًّا وَلِيُّ دَمِهِ وَوَارِثُ دِيَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُجِيزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ وَلَكِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى مَا لَمْ يَرَ وَلَمْ يَحْضُرْ إِذَا صَحَّ عِنْدَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 وَعَلِمَهُ بِمَا يَقَعُ الْعِلْمُ بِمِثْلِهِ فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَاسْتَيْقَنَهُ حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ وَبِهِ أَثَرٌ وَادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ اسْتَحْلَفَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ خَمْسُونَ رَجُلًا بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا يَخْتَارُهُمُ الْوَلِيُّ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا خَمْسِينَ كُرِّرَتْ عَلَيْهِمُ الْأَيْمَانُ ثُمَّ يَغْرَمُونَ الدِّيَةَ وَإِنْ نَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ حُبِسُوا حَتَّى يُقِرُّوا أَوْ يَحْلِفُوا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إِذَا أَبَوْا أَنْ يُقْسِمُوا تَرَكَهُمْ وَلَمْ يَحْبِسْهُمْ وَجُعِلَتِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالُوا جَمِيعًا إِنِ ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَقَدْ أَبْرَأَ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلا أن بن الْمُبَارَكِ رَوَى عَنْهُ إِذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَقَدْ أَبْرَأَ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ غَيْرَهُ وقال بن شُبْرُمَةَ إِذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَقَدْ أَبْرَأَ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ وَصَارَ دَمُهُ هَدَرًا إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ يُسْتَحْلَفُ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ خَمْسُونَ رَجُلًا مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عِلْمنَا قَاتِلَهُ ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ مُخَالِفٌ لِمَا قَضَى بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ الْكُوفِيِّينَ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الحارث بن الْأَزْمَعِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَحْلَفَ الَّذِينَ وُجِدَ الْقَتِيلُ عِنْدَهُمْ وَأَغْرَمَهُمُ الدِّيَةَ فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ الْأَزْمَعِ أَيَحْلِفُونَ وَيَغْرَمُونَ قَالَ نَعَمْ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنِ الْأَحْنَفِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ قُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْكُمُ الدِّيَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ أَوْ فِي فِنَائِهِمْ لَمْ يُسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ بِوُجُودِهِ فِيهِمْ شَيْءٌ وَلَمْ تَجِبْ فِيهِمْ قَسَامَةٌ بِوُجُودِهِ حَتَّى تَكُونَ الْأَسْبَابُ الَّتِي شُرُوطُهَا فِي وُجُوبِ الْقَسَامَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَدَاوُدَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 200 قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعُونَ اسْتَحَقُّوا دَمَ صَاحِبِهِمْ وَقَتَلُوا مَنْ حَلَفُوا عَلَيْهِ وَلَا يُقْتَلُ فِي الْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ لَا يُقْتَلُ فِيهَا اثْنَانِ يَحْلِفُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ خَمْسُونَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنَّ قَلَّ عَدَدُهُمْ أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ رُدَّتِ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدٌ مِنْ وُلَاةِ الْمَقْتُولِ وُلَاةِ الدَّمِ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمُ الْعَفْوُ عَنْهُ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدٌ مِنْ أُولَئِكَ فَلَا سَبِيلَ إِلَى الدَّمِ إِذَا نَكَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ إِذَا نَكَلَ أَحَدٌ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ عَفْوٌ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدٌ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمُ الْعَفْوُ عَنِ الدَّمِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَإِنَّ الْأَيْمَانَ لَا تُرَدُّ عَلَى مَنْ بَقِيُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ إِذَا نَكَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنِ الْأَيْمَانِ وَلَكِنَّ الْأَيْمَانَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَيَحْلِفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا خَمْسِينَ رَجُلًا رُدَّتِ الْأَيْمَانُ عَلَى مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ إِلَّا الَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِ حَلَفَ هُوَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْعَفْوِ اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي مَنْ لَهُ الْعَفْوُ عَنِ الدَّمِ وَالْجُمْهُورُ يَرَوْنَ أَنَّ كُلَّ وَارِثٍ عِنْدَهُمْ جَائِزٌ لِلدِّيَةِ وَالْمَالِ مُسْتَحِقٌّ لِلدَّمِ لِأَنَّ الدِّيَةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ عَنِ الدَّمِ وَعَفْوُ كُلِّ وَارِثٍ عِنْدَهُمْ جَائِزٌ عَنِ الدَّمِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذلك ها هنا وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ حَلَفَ الْمُدَّعُونَ اسْتَحَقُّوا دَمَ صَاحِبِهِمْ وَقَتَلُوا مَنْ حَلَفُوا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَا يُسْتَحَقُّ بِأَيْمَانِ الْقَسَامَةِ هَلْ يُسْتَحَقُّ بِهَا الدَّمُ أَوِ الدِّيَةُ فَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وقال الزهري وبن أَبِي ذِئْبٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ مَنْ قَالَ بِالْقَوَدِ فِي الْقَسَامَةِ لَا أُعِينُهُ وَأَمَّا أَنَا فَأَذْهَبُ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا يُقَادُ بِالْقَسَامَةِ وَلَكِنْ تَجِبُ بِالْقَسَامَةِ الدِّيَةُ قَالَ والذين يبدؤون عِنْدَنَا بِالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ فَإِنْ نَكَلُوا عَادَتِ الْأَيْمَانُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الَّذِينَ ادُّعِيَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ وَإِنْ نَقَصُوا عَنْ خَمْسِينَ رُدَّتْ عليهم الأيمان الجزء: 8 ¦ الصفحة: 201 وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ لَا يُقْتَلُ فِي الْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ وَلَا يُقْتَلُ بِهَا اثْنَانِ فَقَدِ اتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ لِأَنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الْجَمَاعَةَ تُقْتَلُ بِالْوَاحِدِ إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ عَمْدًا لَا يُوجِبُونَ قَوَدًا بِالْقَسَامَةِ وَإِنَّمَا يُوجِبُونَ الدِّيَةَ وَالزُّهْرِيُّ وَدَاوُدُ لَا يَقْتُلَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ كَمَا لَا تُقْطَعُ عِنْدَ الْجَمِيعِ يَدَانِ بِيَدٍ وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي مَوْضِعِهَا ذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ بن الزُّبَيْرِ وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَقَادَا بِالْقَسَامَةِ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ القسامة يقاد بها وبن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَهُ وَزَادَ وَلَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا قَوَدَ فِي الْقَسَامَةِ وَلَا يُسْتَحَقُّ بِهَا إِلَّا الدِّيَةُ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا لَمْ يُقِيدَا بِالْقَسَامَةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ حَكَمَ بِهَا عُمَرُ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مِنْ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْخُلَفَاءَ وَالْجَمَاعَةَ الْأُولَى لَمْ يَكُونُوا يَقْتُلُونَ بِالْقَسَامَةِ قَالَ وَحَدَّثَنِي وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ القسامة توجب العقل ولا تشيط بالدم قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الْقَسَامَةُ تُسْتَحَقُّ بِهَا الدِّيَةُ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ فُضَيْلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ جَوْرٌ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ الْقَسَامَةُ تُسْتَحَقُّ بِهَا الدِّيَةُ وَلَا يُقَادُ بِهَا وَقَالَ الْحَسَنُ الْقَتْلُ بِالْقَسَامَةِ جَاهِلِيَّةٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ قُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 202 أَعَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ قَالَ لَا قُلْتُ فَأَبُو بَكْرٍ قَالَ لَا قُلْتُ فَعُمَرُ قَالَ لَا قلت فكيف تجترئون عَلَيْهَا فَسَكَتَ قَالَ فَقُلْتُ ذَلِكَ لِمَالِكٍ فَقَالَ لَا تَضَعْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخَتْلِ لَوِ ابْتُلِيَ بِهَا لأقاد بها وقال عبد الرزاق أخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَعْجَبُ مِنَ الْقَسَامَةِ يَأْتِي الرَّجُلُ يَسْأَلُ عَنِ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ لَا يَعْرِفُ الْقَاتِلَ مِنَ الْمَقْتُولِ ثُمَّ يُقْسِمُ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَسَامَةِ فِي قَتِيلِ خَيْبَرَ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الناس يجترئون عَلَيْهَا مَا قَضَى بِهَا وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ يَحْلِفُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ خَمْسُونَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ نَكَلُوا أَوْ نَكَلَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ مِنْهُمْ رُدَّتِ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُمَا وَاللَّيْثَ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ يَقُولُونَ يَبْدَأُ الْمُدَّعُونَ بِالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ إِلَّا أَنَّ دَاوُدَ لَا يَقْضِي بِالْقَسَامَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ يَدَّعُونَ عَلَى أَهْلِ مَدِينَةٍ كَبِيرَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ هُمْ أَعْدَاءٌ لَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ وَلِيَّهُمْ قُتِلَ عَمْدًا فَلَا يُقْضَى بِالْقَسَامَةِ فِي شَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يُقْضَى بِهَا فِي دَعْوَى قَتْلِ الْخَطَأِ وَلَا فِي شَيْءٍ يُشْبِهُ الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْمَقْتُولِ وَأَوْلِيَائِهِ وَبَيْنَ الْقَاتِلِ وَأَهْلِ مَوْضِعِهِ فَاشْتَرَطَهَا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي شَرْطِ مَالِكٍ فِيمَا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ مُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنِي بن الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي الْقَسَامَةِ حَدِيثُ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْقَوْمِ عَدَاوَةٌ وَشَحْنَاءُ كَمَا كَانَ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْيَهُودِ فَوُجِدَ فِيهَا الْقَتِيلُ ادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا فُقَهَاءُ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُمْ يُبَدِّئُونَ فِي الْقَسَامَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْأَيْمَانِ فَإِنْ حَلَفُوا بَرُّوا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَعِنْدَ أَكْثَرِهِمْ يَحْلِفُونَ وَيَغْرَمُونَ الدِّيَةَ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ سَلَفُهُمْ فِي ذَلِكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 203 وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال بن شِهَابٍ يَقُولُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عليهم إذا كانوا جماعة أو على الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا كَانَ وَاحِدًا وَعَلَى أَوْلِيَائِهِ يَحْلِفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ يُؤْخَذُ بِهَا فَإِنْ نَكَلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ رُدَّتْ قَسَامَتُهُمْ وَوَلِيَهَا الْمُدَّعُونَ فَيَحْلِفُونَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ مِنْهُمْ خَمْسُونَ اسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ وَإِنْ نَقَصَتْ قَسَامَتُهُمْ وَرَجَعَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ لَمْ يُعْطَوُا الدِّيَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خِلَافُ ما تقدم عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ بِالْقَسَامَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يوجب بها ها هنا إِلَّا الدِّيَةَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عن رجال مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيَهُودَ بَدْءًا بِهِمْ قَالَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا فَأَبَوْا فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ أَتَحْلِفُونَ فَقَالُوا لَا نَحْلِفُ عَلَى الْغَيْبِ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةً عَلَى الْيَهُودِ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ لِلثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَسَائِرِ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ بِالْيَهُودِ فَأَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا فَرَدَّ الْقَسَامَةَ عَلَى الْأَنْصَارِ وَجَعَلَ الْعَقْلَ عَلَى الْيَهُودِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ بِالْأَنْصَارِ وَقَالَ لَهُمْ احْلِفُوا وَاسْتَحِقُّوا فَأَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا فَقَالَ أَيَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ مَا يُبَالِي الْيَهُودُ أَنْ يَحْلِفُوا فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ مُسْنَدَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهَا وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ وشبابة بن سوار عن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 204 قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمَعْنُ بن عيسى عن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْقَسَامَةَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَصْحَابًا لَهُمْ يُحَدِّثُونَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَدَّأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْيَمِينِ ثم ضمنهم العقل قال وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ مُطِيعٍ عَنْ فُضَيْلِ بن عمرو عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَضَى بِالْقَسَامَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ يروى من أخبار الآحاد عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَا حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عن بن أبي مليكة قال كتبت إلى بن عَبَّاسٍ فِي امْرَأَتَيْنِ أَخْرَجَتْ إِحْدَاهُمَا يَدَهَا تَشْخُبُ دَمًا فَقَالَتْ أَصَابَتْنِي هَذِهِ وَأَنْكَرَتِ الْأُخْرَى قَالَ فكتب إلى بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ ادْعُهَا فَاقْرَأْ عَلَيْهَا (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمنهم ثمنا قليلا أولئك لا خلق لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) آلِ عِمْرَانَ 77 فَقَرَأْتُ عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَسَرَّهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد عن بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قِبْطِيٍّ أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَايْمُ اللَّهِ مَا كَانَ سَهْلٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 205 بِأَكْثَرَ عِلْمًا مِنْهُ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ إِنَّهُ قَالَ مَا كَانَ الشَّأْنُ هَكَذَا وَلَكِنَّ سَهْلًا أَوْهَمَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ احْلِفُوا عَلَى مَا لَا عِلْمَ لَكُمْ بِهِ وَلَكِنَّهُ كَتَبَ إِلَى يَهُودَ حِينَ كَلَّمَتْهُ الْأَنْصَارُ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْن أَظْهُرِكُمْ فَدُوهُ فَكَتَبُوا لَهُ يَحْلِفُونَ مَا قَتَلُوهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلًا فَوَدَاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عِنْدِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ مِثْلُ هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ لَا تُدْفَعُ بِالْإِنْكَارِ لَهَا لِأَنَّ الْإِنْكَارَ لَهَا جَهْلٌ بِهَا وَسَهْلٌ قَدْ شَهِدَ بِمَا عَلِمَ وَحَضَرَ الْقِصَّةَ وَرَكَدَتْهُ مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ الْقَسَامَةِ فِي الدَّمِ وَالْأَيْمَانِ فِي الْحُقُوقِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دَايَنَ الرَّجُلَ اسْتَثْبَتَ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ وَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ قَتْلَ الرَّجُلِ لَمْ يَقْتُلْهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ وَإِنَّمَا يَلْتَمِسُ الْخَلْوَةَ قَالَ فَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْقَسَامَةُ إِلَّا فِيمَا تَثْبُتُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ عُمِلَ فِيهَا كَمَا يُعْمَلُ فِي الْحُقُوقِ هَلَكَتِ الدِّمَاءُ وَاجْتَرَأَ النَّاسُ عَلَيْهَا إِذَا عَرَفُوا الْقَضَاءَ فِيهَا وَلَكِنْ إِنَّمَا جُعِلَتِ القسامة إلى ولاة المقتول يبدؤون بِهَا فِيهَا لِيَكُفَّ النَّاسُ عَنِ الدَّمِ وَلِيَحْذَرَ الْقَاتِلُ أَنْ يُؤْخَذَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ إِذَا ثَبَتَتْ فَهِيَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ عِبَادَةٌ يَدْنُو الْعَامِلُ بِهَا مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ وَيَنَالُ الْمُسْلِمُ بِهَا دَرَجَةَ الْمُؤْمِنِ الْمُخْلِصِ وَالِاعْتِلَالُ لَهَا ظَنٌّ وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا الظَّنَّ مِنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ بِأَصْلٍ عِنْدَهُ وَلَوْ كَانَ أَصْلًا عِنْدَهُ لَقَاسَ عَلَيْهِ أَشْبَاهَهُ وَيُصَدَّقُ الَّذِي يَدَّعِي قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَلَبَهُ وَقَتَلَ وَلَيَّهُ في طريق لِأَنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ يَلْتَمِسُ الْخَلْوَةَ وَكَذَلِكَ السَّارِقُ يَلْتَمِسُ الْخَلْوَةَ وَيَسْتَتِرُ لِمَا يَفْعَلُهُ جَهْرَةً وَلَيْسَ يَقُولُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مُدَّعِيَ السَّرِقَةِ أَوِ الْقَطْعِ فِي الطَّرِيقِ يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهُ وَيَأْخُذُ بِيَمِينِهِ مَا ادَّعَاهُ وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ مَنْ سُلِبَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ عَلَى مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ إِنَّ الْمَسْلُوبِينَ إِذَا شَهِدُوا عَلَى السَّالِبِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قُبِلُوا وَلَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ لِمَا ادَّعَى قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ عَلَى مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ أنه سرق منه في الوضع الحالي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 206 وقد يجترئ الناس على الأموال كما يجترئون عَلَى الدِّمَاءِ وَهَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَقَوْلُهُ إِنَّمَا جُعِلَتِ الْقَسَامَةُ إِلَى ولاة المقتول يبدؤون فِيهَا لِيَكُفَّ النَّاسُ عَنِ الدِّمَاءِ فَقَدْ خَالَفَهُ فِيهِ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَنْصَارِ وَالْيَمِينَ عَلَى الْيَهُودِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى ذَلِكَ مِنَ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ الْأَثْبَاتِ وَقَدْ أَنْكَرَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا عَلَى مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ إِنَّ الْقَسَامَةَ لَا تَجِبُ إِلَّا بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ يَأْتِي لَوْثٌ يشهدون له وإن كان لا يُؤْخَذُ بِهِمْ حَقٌّ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ وَوَلِيَّهُ لَمْ يدع على أحد وقال دَمِيَ عِنْدَ فُلَانٍ وَلَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ يَأْتُونَ بِلَوْثٍ قَالُوا فَقَدْ جَعَلَ مَالِكٌ سُنَّةَ مَا لَيْسَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي السُّنَّةِ وَكَذَلِكَ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلَهُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي سَمِعْتُ مِمَّنْ أَرْضَاهُ وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ أَنْ يُبَدَّأَ الْمُدَّعُونَ في الأيمان في القسامة وأنها تَجِبُ إِلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَقُولَ المقتول دمي عند فلان أو يأتي ولاة الدَّمِ بِلَوْثٍ مِنْ بَيِّنَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً قَالَ فَكَيْفَ قَالَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ في القديم والحديث وبن شِهَابٍ يَرْوِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَّأَ الْيَهُودَ بِالْأَيْمَانِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو سَلَمَةَ أَثْبَتُ وَأَجَلُّ مِنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ روايته فمن رواية عن بن شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِلْجُهَيْنِيِّ الَّذِي ادَّعَى دَمَ وَلَيِّهِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ كان أجرى فرسه فوطىء عَلَى أُصْبُعِ الْجُهَيْنِيِّ فَنُزِيَ مِنْهَا فَمَاتَ فَقَالَ عُمَرُ لِلَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِمْ أَتَحْلِفُونَ بِاللَّهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا مَاتَ فَأَبَوْا وَتَحَرَّجُوا فَقَالَ لِلْمُدَّعِينَ احْلِفُوا فَأَبَوْا فَقَضَى بِشَطْرِ الدِّيَةِ عَلَى السَّعْدِيِّينَ قَالُوا فَأَيُّ أَئِمَّةٍ اجْتَمَعَتْ عَلَى مَا قَالَ وَلَمْ يَرَوْا فِيمَا قَالَ فِي ذَلِكَ وَلَا في قول الجزء: 8 ¦ الصفحة: 207 الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَدِينَةِ صَاحِبٍ وَلَا تَابِعٍ وَلَا أَحَدٌ يَعْلَمُ قَوْلَهُ مِمَّا يُرْوَى قَوْلُهُ وَقَدِ احْتَجَّ أصحابنا لقوله دمي عند فلان بقتل بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ أَحْيَاهُ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فقال قَتَلَنِي فُلَانٌ فَقُبِلَ قَوْلُهُ وَهَذِهِ غَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ أَوْ شَعْوَذَةٌ لِأَنَّ الَّذِي ذُبِحَتِ الْبَقَرَةُ مِنْ أَجْلِهِ وَضُرِبَ بِبَعْضِهَا كَانَتْ فِيهِ آيَةٌ لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا الْيَوْمَ فَلَا تَصِحُّ إِلَّا لِنَبِيٍّ أَوْ بِحَضْرَةِ نَبِيٍّ وَقَتِيلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُقْسِمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَلَا بِخَمْسِينَ وَمَالِكٌ لَا يُعْطِي أَحَدًا بِقَوْلِهِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ شَيْئًا دُونَ قَسَامَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مُدَّعِي الدَّمِ شَيْئًا دُونَ قَسَامَةٍ وَأَجْمَعُوا أَنَّ شَرِيعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَسُنَّتَهُمْ فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ لَا يُقْضَى فِيهَا بِالدَّعَاوَى الْمُجَرَّدَةِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ عِنْدَ مَوْتِهِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ لَوْ قَالَ حِينَئِذٍ وَلِي عَلَيْهِ مَعَ هَذَا أَوْ عَلَى غَيْرِهِ دِرْهَمٌ فَمَا فَوْقَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الدِّرْهَمِ وَلَمْ يَحْلِفْ عَلَى قَوْلِهِ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ فَأَيُّ سُنَّةٍ فِي قَوْلِ الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ بَلِ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ أَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحُكْمَ بِالْقَسَامَةِ وَدَفَعُوهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَقْضُوا بِشَيْءٍ مِنْهَا وَمِمَّنْ أَنْكَرَهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبُو قِلَابَةَ الْجَرْمِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرِوَايَةٌ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ قَوْلُ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزَّنْجِيِّ وَفُقَهَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بن عُلَيَّةَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي مَوْلًى لِأَبِي قِلَابَةَ قَالَ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى أَبِي قِلَابَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ نَاشَدْتُكَ بِاللَّهِ يَا أَبَا قِلَابَةَ لَا تُشْمِتْ بِنَا الْمُنَافِقِينَ فَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَكَرُوا الْقَسَامَةَ فَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَؤُلَاءِ أَشْرَافُ أَهْلِ الشَّامِ وَوَجْهُمْ عِنْدَكَ أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ شَهِدُوا أَنْ فُلَانًا سَرَقَ بِأَرْضِ كَذَا وَهُمْ عِنْدَكَ أَكُنْتَ قَاطِعَهُ قَالَ لَا قَالَ فَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَدْ شرب خمرا بأرض كذا وهم عندك ها هنا أَكُنْتَ حَادَّهُ بِقَوْلِهِمْ قَالَ لَا قَالَ فَمَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 208 بَالُهُمْ إِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِأَرْضِ كَذَا وَهُمْ عِنْدَكَ أَقَدْتَهُ قَالَ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْقَسَامَةِ إِنْ أَقَامُوا شَاهِدَيْ عَدْلٍ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فَأَقِدْهُ وَلَا تَقْبَلْ شَهَادَةَ وَاحِدٍ مِنَ الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْمًا لِلنَّاسِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ فَأَضَبَّ الْقَوْمُ قَالُوا نَقُولُ الْقَسَامَةُ الْقَوَدُ بِهَا حَقٌّ قَدْ أَقَادَ بِهَا الْخُلَفَاءُ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلَابَةَ وَتُفْتِي لِلنَّاسِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ أَشْرَافُ العرب ورؤوس الْأَجْنَادِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ زَنَى وَلَمْ يَرَوْهُ أَكُنْتَ تَرْجُمُهُ قَالَ لَا قُلْتُ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ أَنَّهُ سَرَقَ وَلَمْ يَرَوْهُ أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ قال لا قال وحدثني بن عُلَيَّةَ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ وَقَدْ تَيَسَّرَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ لِيَحْلِفُوا فِي الْقَسَامَةِ فَقَالَ سَالِمٌ يَا آلَ عِبَادِ اللَّهِ! لقوم يحلفون على ما يَرَوْهُ وَلَمْ يَحْضُرُوهُ وَلَمْ يَشْهَدُوهُ وَلَوْ كَانَ لِي أَوْ إِلَيَّ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ لَعَاقَبْتُهُمْ أَوْ لَنَكَلْتُهُمْ أَوْ لَجَعَلْتُهُمْ نَكَالًا وَمَا قَبِلْتُ لَهُمْ شَهَادَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الَّذِينَ دَفَعُوا الْقَسَامَةَ جُمْلَةً وَأَنْكَرُوهَا وَلَمْ يَقُولُوا بِهَا فَإِنَّمَا رَدُّوهَا بِآرَائِهِمْ لِخِلَافِهَا لِلسُّنَّةِ بِخِلَافِ هَذِهِ السُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ وَالِاعْتِرَاضُ بِهَذَا عَلَى رَدِّ الْقَسَامَةِ فَاسِدٌ لِأَنَّ الَّذِي سَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ فِي الْأَمْوَالِ هُوَ الَّذِي خَصَّ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْقَسَامَةِ وَبَيَّنَهُ لِأُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتِ الْقَسَامَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى الدِّمَاءِ فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَتْ سُنَّةً بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ الَّتِي سَنَّ فِيهَا يَمِينًا وَاحِدَةً وَالْأُصُولُ لَا يُرَدُّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَلَا يُقَاسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بَلْ يُوضَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَوْضِعَهُ كَالْعَرَايَا وَالْمُزَابَنَةِ وَكَالْمُسَاقَاةِ وَكَالْقِرَاضِ مَعَ الْإِجَارَاتِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ التَّسْلِيمُ فِي كُلِّ مَا سَنَّ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ دَعَانِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 209 فَقَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدَعَ الْقَسَامَةَ يَأْتِي رَجُلٌ مِنْ أَرْضِ كَذَا وَآخَرُ مِنْ أَرْضِ كَذَا فَيَحْلِفُونَ فَقُلْتُ لَهُ لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ وَأَنْتَ إِنْ تَرَكَتْهَا أَوْشَكَ رَجُلٌ أَنْ يُقْتَلَ عِنْدَ بَابِكَ فَيُطَلُّ دَمُهُ وَإِنَّ لِلنَّاسِ فِي الْقَسَامَةِ حَيَاةً وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يَكُونُ لَهُمُ الْعَدَدُ يُتَّهَمُونَ بِالدَّمِ فَيَرُدُّ وُلَاةُ الْمَقْتُولِ الْأَيْمَانَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ نَفَرٌ لَهُمْ عَدَدٌ أَنَّهُ يَحْلِفُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ عَنْ نَفْسِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَا تُقْطَعُ الأيمان عليهم بقدر عددهم ولا يبرؤون دُونَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ إِنْسَانٍ عَنْ نَفْسِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الدِّمَاءِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهَا إِلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا كَمَا لَا يُسْتَحَقُّ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ مَنْ رَأَى أَنَّهَا تُسْتَحَقُّ بِهَا الدِّمَاءُ إِلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ الَّذِي وَصَفَهُ هُوَ عِنْدَهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعَ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ كُلُّهُمْ إِلَّا خَمْسِينَ يَمِينًا كَمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعُونَ وَإِنْ كَانَ الْكُوفِيُّونَ لَا مَدْخَلَ عِنْدَهُمْ لِلْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِينَ وَإِنَّمَا عِنْدَهُمْ أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ يَحْلِفُونَ وَيَغْرَمُونَ بِحَدِيثِ بن عُبَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ فِي قِصَّةِ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ قَتِيلًا وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ فَدُوهُ وَلِقَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةً عَلَى اليهود لأنه وجد بين أظهرهم ولحديث بن أَبِي لَيْلَى عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَوْلُهُ إِمَّا أَنْ تَفْدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ تَأْذَنُوا بِحَرْبٍ وَلِقَضَاءِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِنَحْوِ ذَلِكَ إِذْ حَلَّفَ الْهَمْدَانِيِّينَ وَأَغْرَمَهُمُ الدِّيَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَحْلِفُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ إِلَّا مِنْ قُصِدَ قَصْدُهُ بِالدَّعْوَى فَإِنِ ادَّعَوْا عَلَى خَمْسِينَ رَجُلًا أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَرَدُّوا عَلَيْهِمُ الْأَيْمَانَ حَلَفُوا عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ يَمِينًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَإِنِ ادَّعَوْا عَلَى سِتِّينَ رَجُلًا أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ فَعَلَى كُلِّ رَجُلٍ يَمِينٌ وَإِنِ اسْتُحَقَّ غَرِمَ الدِّيَةَ عَنِ الدَّمِ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَحُضُورٌ وَغُيَّبٌ حَلَفَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْغُيَّبِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الدِّيَةِ فَإِذَا كَبِرَ الصَّغِيرُ أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ حَلَفَ مِنَ الْأَيْمَانِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الدِّيَةِ وَلَا يَحْلِفُ مِنَ الْمُدَّعِينَ إِلَّا الْوَرَثَةُ رِجَالًا كَانُوا أَوْ نِسَاءً فَإِنِ امْتَنَعَ الْغَائِبُ وَالصَّغِيرُ مِنَ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِؤُوا فَإِنْ نَكَلُوا غَرَمُوا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 210 قَالَ وَإِنِ ادَّعَوْا عَلَى خَمْسِينَ رَجُلًا أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ |