مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعَكٌ بِالْمَدِينَةِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي (...) |
مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعَكٌ بِالْمَدِينَةِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْأَعْرَابِيُّ كَانَتْ لِبَيْعَتِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ لِوَطَنِهِ وَالْمُقَامِ مَعَهُ وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ الْبَيْعَاتِ الَّتِي كَانَ يَأْخُذُهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم على النَّاسِ وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَهَا وَشَوَاهِدَهَا فِي التَّمْهِيدِ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَكَانَ عَلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَرْضًا إِذَا أَسْلَمُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لِلْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ دَارٌ غَيْرَهَا وَيُقِيمُ مَعَهُمْ لِصَرْفِهِمْ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ غَزْوِ الْكُفَّارِ وَحِفْظِ الْمَدِينَةِ مِمَّنْ أَرَادَهَا مِنْهُمْ وَلِإِرْسَالِ مَنِ احْتَاجَ إِلَى إِرْسَالِهِ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ سِيرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) عَلَيْهِ مَكَّةَ وَكَانَ بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ فِي دَارِ الْكُفْرِ مُسْلِمًا حَرَامًا عَلَيْهِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٌ فِي دَارِ الشِّرْكِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 224 وَكَذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِمْ حَرَامًا رُجُوعُهُمْ مِنْ هِجْرَتِهِمْ إلى أعرابيتهم ألا ترى إلى حديث بن مَسْعُودٍ قَالَ آكِلُ الرِّبَا وَمُوكِلُهُ وَكَاتِبُهُ وَشَاهِدَاهُ إِذَا عَلِمُوا بِهِ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ لِلْحُسْنِ وَلَاوِي الصَّدَقَةِ وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْأَعْرَابِيُّ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُقَامِ بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا لَحِقَهُ مِنَ الْوَعْكِ أَرَادَ الْخُرُوجَ عَنْهَا إِلَى وَطَنِهِ وَلَمْ يَكُنْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِمَّنْ رَسَخَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ بَلْ كَانَ مِنَ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) أَنَّهُمْ أَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا فَلَا خُبْثَ أَكْثَرُ دَنَاءَةً مِمَّنْ رَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ صُحْبَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَنْصَعُ طِيبُهَا فَالنَّاصِعُ السَّالِمُ الْخَالِصُ الْبَاقِي عَلَى النَّارِ وَالنَّقِيُّ الطَّيِّبُ مِنَ الْحَدِيدِ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ (أَتَاكَ بِقَوْلٍ هَلْهَلِ النَّسْخِ كَاذِبٍ ... وَلَمْ يَأْتِ بِالْحَقِّ الَّذِي هُوَ نَاصِعُ (2)) وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ مَضَتِ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا وَلَكِنْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ وَحَدِيثُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي يَوْمَ الْفَتْحِ فَقُلْتُ يَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 225 رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ وَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَإِنَّمَا هُوَ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ |