مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ
أَبِي زُهَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي
قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ
أَبِي زُهَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي
قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ
الشَّامُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا
يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ
لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنَ الْغَيْبِ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ
قَبْلَ وُقُوعِهِ فَكَانَ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فُتِحَتْ بَعْدَهُ تِلْكَ الْبُلْدَانُ وَتَحَمَّلَ إِلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ
سَاكِنِي الْمَدِينَةِ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَبُسُّونَ فَيُرْوَى بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا أَيْضًا
وَهَذِهِ رواية بن القاسم وبن بكير ويحيى من رواة الموطأ
وقال بن القاسم عن مالك يبسون يدعون
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 227
وقال بن بُكَيْرٍ مَعْنَاهُ يَسِيرُونَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وبست الجبال بسا) الواقعة 5
ورواه بن وَهْبٍ يُبِسُّونَ بِضَمِّ الْيَاءِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَفَسَّرَهُ فقال يزينون لهم الخروج
وكذلك رواه بن حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَفَسَّرَهُ بِنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ يزينون لهم البلد الذي
جاؤوا مِنْهُ وَيُحَبِّبُونَهُ إِلَيْهِمْ وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى الرَّحِيلِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ
إِلْبَاسِ الْحَلُوبَةِ عِنْدَ حِلَابِهَا كَيْ تُدِرَّ بِاللَّبَنِ وَهُوَ أَنْ يَجُرَّ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهَا وَصَفْحَةِ
عُنُقِهَا أَنَّهُ يُزَيِّنُ ذَلِكَ عِنْدَهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
فالخير ها هنا مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ لِأَنَّ سُكْنَى الْمَدِينَةِ لِلصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي الصَّلَاةُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الصَّلَاةِ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَأَفْضَلُ
بِأَلْفِ دَرَجَةٍ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ
وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ هَذَا مَكَّةَ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا سَتُفْتَحُ عَلَيْهِ كَمَا
تُفْتَحُ الشَّامُ وَالْعِرَاقُ وَالْيَمَنُ بَعْدَهُ لِأَنَّ مَكَّةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا لِأَنَّ الْهِجْرَةَ عَلَى أَهْلِهَا
خَاصَّةً فَرْضًا أَنْ لَا يَنْصَرِفَ أَحَدٌ مِنْ مُهَاجِرِيهَا إِلَيْهَا أَبَدًا وَلَا يَسْتَوْطِنُهَا وَلَا يَنْزِلُهَا
إِلَّا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا وَعَلَى ذَلِكَ انْعَقَدَتِ الْبَيْعَةُ لِلْأَنْصَارِ إِلَّا أَنَّ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنْ أَهْلِهَا
إِلَّا يَوْمَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ لَيْسَ مِمَّنْ وَصَفْنَا حُكْمَهُ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي التَّمْهِيدِ