10
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِبَعْضِ أَسَانِيدِهِ فِي التَّمْهِيدِ

وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَا
أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ (...)
 
10
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِبَعْضِ أَسَانِيدِهِ فِي التَّمْهِيدِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 261
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَا
أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنِي
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَنْ يَزِيدَ
الرِّشْكِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ
قَالَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ
قَالَ حَمْزَةُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ الرِّشْكِ منهم بن شُعْبَةَ
الْحَجَّاجُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ
وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ
بْنُ خُمَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ
عَنْ أَبِي الْأُسُودِ الدُّئِلِيِّ قَالَ قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ
وَيَكْدَحُونَ فِيهِ أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُوكَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ
وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ قُلْتُ لَا بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ وَقَالَ فَهَلْ
يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ظُلْمًا قَالَ فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا وَقُلْتُ إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ
إِلَّا خَلْقُ اللَّهِ وَمِلْكُ يَدِهِ فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ فَقَالَ سَدَّدَكَ اللَّهُ إِنِّي وَاللَّهِ
مَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لَأَحْرِزَ عَقْلَكَ إِنَّ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ وَيَكْدَحُونَ أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى
عَلَيْهِمْ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ قَالَ لَا بَلْ
شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ قَالَ فَلِمَ نَعْمَلُ إِذَنْ فَقَالَ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ لِوَاحِدَةٍ مِنَ
الْمَنْزِلَتَيْنِ فَهُوَ يُسْتَعْمَلُ لَهَا وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (وَنَفْسٍ وَمَا
سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) الشَّمْسِ 6 7
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) الْقَمَرِ 12 وَقَالَ (وَكَانَ
أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) الْأَحْزَابِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 262
وَقَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحُكَمَاءُ قَدِيمًا الْقَدَرُ سِرُّ اللَّهِ فَلَا تَنْظُرُوا فِيهِ فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ أَلَّا يُعْصَى
مَا عَصَاهُ أَحَدٌ فَالْعِبَادُ أَدَقُّ شَأْنًا وَأَحْقَرُ مِنْ أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ إِلَّا بِمَا يُرِيدُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ
وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ لَوْ كَانَ الْخَيْرُ فِي يَدِ أَحَدٍ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي قَلْبِهِ
حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) هُوَ الَّذِي يَجْعَلُهُ فِيهِ
قَالَ وجدت بن آدَمَ مُلْقًى بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَالشَّيْطَانِ فَإِنِ اخْتَارَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ نَجَا وَإِنْ خَلَّا
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ بِهِ
وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ حَيْثُ قَالَ
(لَيْسَ لِلَّهِ الْعَظِيمِ نِدٌّ ... وَهَذِهِ الْأَقْدَارُ لَا تُرَدُّ)
(لَهُنَّ وَقْتٌ وَلَهُنَّ حَدٌّ ... مؤخر بعض وبعض نقد)
(وَلَيْسَ مِنْ هَذَا وَهَذَا بُدٌّ ... وَلَيْسَ مَحْتُومًا لِحَيٍّ خُلْدُ) وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ إِذَا أَرَادَ
الله (عز وجل) بعبد خيرا سلك في قلبه اليقين والتصديق وإذا أَرَادَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ)
بِعَبْدِهِ شَرًّا سَلَكَ فِي قَلْبِهِ الرِّيبَةَ وَالتَّكْذِيبَ
وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ) الْحِجْرِ 12 13
وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ
يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضيقا حرجا وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) النَّحْلِ 93 وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
(إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ) الْأَعْرَافِ 155
وَقَالَ الْفَضْلُ الرِّقَاشِيُّ لِإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ يَا أَبَا وَائِلَةَ! مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي
أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ يَعْنِي الْقَدَرَ قَالَ إِنْ أَقْرَرْتَ بِالْعِلْمِ خُصِمْتَ وَإِنْ أَنْكَرْتَ كَفَرْتَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلَكَ عُبَّادُنَا وَخِيَارُنَا فِي هذا الرأي يعني القدر
وسمع بن عَبَّاسٍ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِي الْقَدَرِ فَقَالَ مَا مِنْكُمَا إِلَّا زَائِغٌ
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ محمد بن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ
أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الْقَدَرِيَّةُ أَنْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ كَانَ مِنْ قَدَرِ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) أَنَّ شَرَرَةً
طَارَتْ فَأَحْرَقَتِ الْكَعْبَةَ فَقَالَ آخَرُ لَيْسَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ أَنْ يَحْرِقَ الْكَعْبَةَ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 263
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَكْثَرَ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ تَخْرِيجِ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَكْثَرَ الْمُتَكَلِّمُونَ
فِيهِ مِنَ الْكَلَامِ وَالْجِدَالِ
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَمُجْتَمِعُونَ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ وَمِثْلِهِ مِنْ
ذَلِكَ وَعَلَى اعْتِقَادِ مَعَانِيهَا وَتَرْكِ الْمُجَادَلَةِ فِيهَا
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ
مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ عَنْ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ
رُفِعَ الْكِتَابُ وَجَفَّ الْقَلَمُ وَأُمُورٌ تُقْضَى فِي كِتَابٍ قَدْ خَلَا
قَالَ وَحَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَصْمَعِيُّ قَالَ
حَدَّثَنِي الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ لَعَلِمَتِ الْقَدَرِيَّةُ
أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ (هُوَ
أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ في بطون أمهتكم) النَّجْمِ 32 قَالَ عَلِمَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ نَفْسٍ مَا هِيَ عَامِلَةٌ وَإِلَى مَا هِيَ صَائِرَةٌ وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ
السِّجِسْتَانِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَعْرَابِيًّا عَنِ الْقَدَرِ فَقَالَ ذَلِكَ عِلْمٌ اخْتَصَمَتْ فِيهِ
الظُّنُونُ وَتَغَالَبَ فِيهِ الْمُخْتَلِفُونَ
وَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَرُدَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا مِنْ حُكْمِهِ إِلَى مَا سَبَقَ فِيهِ مِنْ عِلْمِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْسَنُ مَا رَأَيْتُ رِجْزًا فِي مَعْنَى الْقَدَرِ قَوْلُ ذِي النُّونِ إِبْرَاهِيمَ
الْإِخْمِينِيِّ
(قَدَّرَ مَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ ... وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَى عِلْمِ غَيْبِهِ بَشَرَا)
(وَيَرَى مِنَ الْعِبَادِ مُنْفَرِدًا ... مُحْتَجِبًا فِي السَّمَاءِ لَيْسَ يُرَى)
(ثُمَّ جَرَى بِالَّذِي قَضَى قَلَمٌ ... أَجْرَاهُ فِي اللَّوْحِ رَبُّنَا فَجَرَى)
(لَا خَيْرَ فِي كَثْرَةِ الْجِدَالِ وَلَا ... فِي مَنْ تَعَدَّى فَأَنْكَرَ الْقَدَرَ)
(مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ لَنْ يَضِلَّ وَمَنْ ... يُضْلِلْ فَلَنْ يَهْتَدِيَ وَقَدْ خَسِرَا)
(دَعْوَتُهُ لِلْعِبَادِ شَامِلَةٌ ... وَخَصَّ بِالْخَيْرِ مِنْهُمْ نَفَرًا)
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ) الذريات 56
وروي عن بن عَبَّاسٍ إِلَّا لِيَعْبُدُونِي قَالَ لِيُقِرُّوا بِالْعُبُودِيَّةِ طَوْعًا وكرها
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 264
وقال مجاهد وبن جُرَيْجٍ إِلَّا لِيَعْرِفُونِي
وَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ
هِيَ آيَةٌ عَظِيمَةٌ عَامَّةٌ فِي الْمَنْطِقِ خَاصَّةٌ فِي الْمُؤْمِنِينَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ خَاصَّةٌ يَعْنِي أَنَّهُ خَلَقَ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُؤْمِنِينَ لِعِبَادَتِهِ
قَالَ وَالدَّلِيلُ عَلَى خُصُوصِهَا قَوْلُهُ (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) الْإِنْسَانِ 30 فَلَنْ
يَكُونَ بِخَلْقِهِ مَشِيئَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ
وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ مِنَ النَّظْمِ فِي قِدَمِ الْعَمَلِ وَأَنَّ مَا يَكُونُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَقَدْ سَبَقَ
الْعِلْمُ بِهِ وَجَفَّ الْقَلَمُ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي مُلْكِهِ إِلَّا مَا يَشَاءُ لَا شَاءَ غَيْرُهُ قَوْلُ
الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَيْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الْمُزَنِيِّ وَعَنِ الرَّبِيعِ عَنْهُ أَنَّهُ
قَالَ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ
(فَمَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أَشَأْ ... وَمَا شِئْتُ وَإِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ)
(خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ ... وَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَالْمُسِنْ)
(عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ ... وَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ)
(فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ ... وَمِنْهُمْ قَبِيحٌ وَمِنْهُمْ حَسَنْ)
(وَمِنْهُمْ فَقِيرٌ وَمِنْهُمْ غَنِيٌّ ... وَكُلٌّ بِأَعْمَالِهِ مُرْتَهَنْ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ مُعْتَقَدُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَمَذْهَبُهُمْ فِي الْقَدَرِ لَا
يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَهُوَ أَصْلُ مَا يَبْنُونَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ