مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ فَقَالَ مَا رَأْيُكَ فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ فَقُلْتُ رَأْيِي أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا
عَرَضْتَهُمْ عَلَى السَّيْفِ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وذلك رأي
قَالَ مَالِكٌ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ فَقَالَ مَا رَأْيُكَ فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ فَقُلْتُ رَأْيِي أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا
عَرَضْتَهُمْ عَلَى السَّيْفِ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وذلك رأي
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ رَأْيِي
قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ قَتَلَ غَيْلَانًا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 267
الْقَدَرِيَّ وَصَلَبَهُ وَهَذَا جَهْلٌ بِعِلْمِ أَيَّامِ النَّاسِ وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا نَاظَرَهُ دَعَا
عَلَيْهِ وَقَالَ مَا أَظُنُّكَ تَمُوتُ إِلَّا مَصْلُوبًا فَقَتَلَهُ هِشَامٌ - لَعَنَهُ اللَّهُ - وَصَلَبَهُ لِأَنَّهُ خَرَجَ
مَعَ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ يُسْتَتَابُونَ قِيلَ لِمَالِكٍ كَيْفَ يُسْتَتَابُونَ قَالَ يُقَالُ لَهُمُ
اتركوا ما أنتم مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَانْزِعُوا عَنْهُ
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَا يُسَلَّمُ عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ وَلَا عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ كُلِّهِمْ
وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لَا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ فَإِنَّ الْإِمَامَةَ يُتَخَيَّرُ لَهَا أَهْلُ الْكَمَالِ فِي الدِّينِ
مِنْ أَهْلِ التِّلَاوَةِ وَالْفِقْهِ هَذَا فِي الْإِمَامِ الرَّاتِبِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يُرِيدُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَأَهْلُ الْعِلْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ
زَجْرٌ لَهُمْ وَخِزْيٌ لَهُمْ لِابْتِدَاعِهِمْ رَجَاءَ أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ مَذْهَبِهِمْ وَكَذَلِكَ تَرْكُ ابْتِدَاءَ
السَّلَامِ عَلَيْهِمْ
وَأَمَّا أَنْ تُتْرَكَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ جُمْلَةً إِذَا مَاتُوا فَلَا بَلِ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا أَنْ يُصَلَّى
عَلَى كُلِّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
مُبْتَدِعًا كَانَ أَوْ مُرْتَكِبًا لِلْكَبَائِرِ
وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى يَقُولُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقَاوِيلَ الْعُلَمَاءِ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَأَنَّ مَالِكًا شَذَّ عَنْهُمْ
فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ مَا تُعْجِبُنِي شَهَادَةُ الْجَهْمِيَّةِ وَلَا الرَّافِضَةِ وَلَا
الْقَدَرِيَّةِ قَالَ إِسْحَاقُ وَكَذَلِكَ كُلُّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ
قال أبو عمر اتفق بن أبي ليلى وبن شُبْرُمَةَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا
وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بن حي وعثمان التبي وُدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَسَائِرُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْفِقْهِ
إِلَّا مَالِكًا وَطَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ إِذَا كَانُوا
عُدُولًا وَلَا يَسْتَحِلُّونَ الزُّورَ وَلَا يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ عَلَى تَصْدِيقِ بَعْضٍ فِي خَبَرِهِ وَيَمِينِهِ
كَمَا تَصْنَعُ الْخَطَّابِيَّةُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَشَهَادَةُ مَنْ يَرَى إِنْفَاذَ الْوَعِيدِ فِي دُخُولِ النَّارِ عَلَى الذَّنْبِ إِنْ لَمْ يَتُبْ
مِنْهُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ شَهَادَةِ مَنْ يَسْتَخِفُّ بِالذُّنُوبِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ يُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ لَا يَرَى اسْتِتَابَتَهُمْ وَلَا عَرْضَهُمْ عَلَى السَّيْفِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 268