مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ مَنْ يُرِدِ اللَّهَ بِهِ خَيْرًا (...) |
مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ
قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ مَنْ يُرِدِ اللَّهَ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ سَمِعْتُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ الِانْقِطَاعُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ لَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مَالِكٍ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَطَرَفًا مِنْ فَضَائِلِهِ مِنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَمِعَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 269 وَرَوَى أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنَ الطُّرُقِ الصِّحَاحِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ حَفِظْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ يُسَلِّمُ مِنَ الصَّلَاةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ إِلَى هُنَا انْتَهَى حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ طُرُقِهِ فِي التَّمْهِيدِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا من يرد الله به خيرا يفقهه في الدِّينِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَوْلَهُ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ فَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ هِيَ الَّتِي سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ لَا مَا قَبْلَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنْ حَدِيثِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ فَالرِّوَايَةُ عِنْدَنَا فِي الْمُوَطَّأِ الْجَدُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ الْأَغْلَبُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ الَّذِي فَسَّرَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ الْحَظُّ وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ الْبَخْتُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى عِنْدَكَ غِنَاهُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ بِطَاعَتِكَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ يَدْخُلُهَا الْفُقَرَاءُ وَإِذَا أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ يَعْنِي أَصْحَابَ الْغِنَى وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ يَقُولُ لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا الْكَسْرُ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ قَالَ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ أَحَدًا فِي طَلَبِ الرِّزْقِ اجْتِهَادُهُ وَإِنَّمَا لَهُ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُ وَلَيْسَ الرِّزْقُ عَلَى قَدْرِ الِاجْتِهَادِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَيْضًا وَجْهٌ حَسَنٌ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مَرْفُوعٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ |