مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً
سِيَرَاءَ تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ الْحُلَّةَ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ
الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً
سِيَرَاءَ تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ الْحُلَّةَ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ
الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ
مِنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ
فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي
حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَكْسُكْهَا لِتَلْبَسْهَا
فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْحُلَّةَ عِنْدَ الْعَرَبِ ثَوْبَانِ اثْنَانِ أَكْثَرُهُمَا مِنَ الْبُرُودِ
الْيَمَنِيَّةِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ سِيَرَاءُ
فَقِيلَ هِيَ الْبُرُودُ الَّتِي يُخَالِطُهَا الْحَرِيرُ حُكِيَ ذلك عن الخليل
وروينا عن بن شِهَابٍ قَالَ السِّيَرُ الْمُضْلَعُ بِالْقَزِّ
وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ لَمْ يُجِزْ لِبَاسَ ثَوْبٍ خَالَطَهُ حَرِيرٌ أَوْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْحَرِيرِ
سُدَاءٌ أو لحمة
وَسَنَذْكُرُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ
وَقِيلَ الْحُلَّةُ السَّيْرَاءُ هِيَ الْحَرِيرُ الصَّافِي لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ الْحَرِيرِ
وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآثَارُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي صِفَةِ هَذِهِ الحلة
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 317
رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ!
إِنِّي مَرَرْتُ بِعُطَارِدٍ - أَوَ لَبِيدٍ - وَهُوَ يَعْرِضُ حلة حرير فلو اشتريتها للجمعة
وللوفود فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا
خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ
فِيهِ حُلَّةٌ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ
وَالْإِسْتَبْرَقُ الْحَرِيرُ الْغَلِيظُ وَقِيلَ الدِّيبَاجُ الْغَلِيظُ
وَفِي حَدِيثِ سَالِمٍ أَيْضًا أَنَّ الرَّجُلَ الْبَائِعَ الْمَذْكُورَ لِلْحُلَّةِ الْمَذْكُورَةِ عُطَارِدٌ أَوْ لَبِيدٌ
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سيرين عن بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ خَرَجَ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَمَرَّ بِالسُّوقِ فَرَأَى عُطَارِدًا يُقِيمُ حُلَّةَ حَرِيرٍ يَعْنِي أَقَامَهَا لِلْبَيْعِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِبَاسَ الْحَرِيرِ حَلَالٌ لِلنِّسَاءِ وَأَنَّ الثَّوْبَ إِذَا كَانَ
حَرِيرًا كُلَّهُ سُدَاهُ وَلُحْمَتُهُ لَا يَجُوزُ لِبَاسُهُ لِلرِّجَالِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمَوَيْهِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ
قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ يَمُوتُ بْنُ الْمُزْرِعِ بْنِ يَمُوتَ الْبَصْرِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو
حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى
بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ المجيد وَأَبُو مُعَاوِيَةُ الضَّرِيرُ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ زَادَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي حَدِيثِهِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ
نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أُحِلَّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا
وَرَوَى تَحْرِيمَ لِبَاسِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَعِمْرَانُ بْنُ
حُصَيْنٍ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَأَبُو أُمَامَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ أَحَادِيثِهِمْ فِي التَّمْهِيدِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 318
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ جَائِزٌ حَلَالٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ لِبَاسُهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِعْمَالِ الرِّجَالِ لَهُ فِي غَيْرِ اللِّبَاسِ كَالْبَسْطِ وَالِارْتِفَاقِ وَشَبَهِهِ
وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِلرِّجَالِ لِبَاسَ مَا فِيهِ الْعَلَمُ مِنَ الْحَرِيرِ الْأُصْبُعُ
وَالْأُصْبُعَيْنِ وَالثَّلَاثَةُ
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ
فَرْقَدٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الْحَرِيرِ وَقَالَ لَا تَلْبَسُوا مِنْهُ إِلَّا
كَذَا أَوْ كَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى
وَبَعْضُ رُوَاتِهِ يقول فيه وأشار بالسبابة والإبهام
قالوا فَعَلِمْنَا أَنَّهَا الْأَعْلَامُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّمْهِيدِ
وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُرَخِّصُ فِي الْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ
وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَأَنْكَرَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ تَحْرِيمَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ مَوْلَى أَسْمَاءَ قَالَ رأيت بن عمر اشترى عمامة لها
علم فدعا بالجلمين فَقَصَّهُ فَدَخَلَتْ عَلِيَّ أَسْمَاءُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ بُؤْسًا لِعَبْدِ اللَّهِ
يَا جَارِيَةُ هَاتِي جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَتْ بِجُبَّةٍ مَكْفُوفَةِ الْكُمَّيْنِ
وَالْجَيْبِ وَالْفُرَجِ بِالدِّيبَاجِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ تِلْكَ الْجُبَّةَ فِي الْحَرْبِ
وَرُبَّمَا لَبِسَهَا لِلْعَدُوِّ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ قَالَ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ
أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةً مُزَرَّرَةً بِالدِّيبَاجِ فَقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ
هَذِهِ إذ لَقِيَ الْعَدُوَّ
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ إِذَا كَانَ جُبَّةً أَوْ سِلَاحًا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 319
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ كَانَ أَبِي لَهُ يَلْمَقُ مِنْ دِيبَاجٍ يَلْبَسُهُ فِي الْحَرْبِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنِي رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مرزوق عن بن عَمْرٍو قَالَ قَالَ أَبُو فَرْقَدٍ
رَأَيْتُ عَلَى تَحَافِيفِ أَبِي مُوسَى الدِّيبَاجَ وَالْحَرِيرَ
وَقَدْ رُخِّصَ فِيهِ لِلتَّدَاوِي مِنَ الْجَرَبِ وَالْحِكَّةِ
حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ
قَالَ حدثني وَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنْبَأَهُمْ
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ فِي لِبَاسِ قَمِيصِ الْحَرِيرِ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا
وَكَرِهَ مَالِكٌ لِبَاسَ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ لِلْحِكَّةِ وَالْجَرَبِ وَلَمْ تَثْبُتْ عِنْدَهُ
الرُّخْصَةُ فِي ذَلِكَ
هَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ الرُّخْصَةُ فِيهِ لِلْحِكَّةِ
وبه قال بن حبيب
وكان بن محيريز وعكرمة وبن سِيرِينَ يَكْرَهُونَ شَيْئًا مِنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ فِي الحرب
وقال بن مُحَيْرِيزٍ كَرَاهَتُهُ فِي الْحَرْبِ أَشَدُّ لِمَا يَرْجُو مِنَ الشَّهَادَةِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَرَاهِيَةُ لِبَاسِهِ فِي الْحَرْبِ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي التَّمْهِيدِ بِأَكْثَرَ
مِنْ هَذَا
وَأَمَّا الْخَبَرُ عَنِ بن عُمَرَ فِي كَرَاهَةِ قَلِيلِ الْحَرِيرِ وَكَثِيرِهِ
فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ
بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حدثني بن عون عن الحسن قال دخلنا
على بن عُمَرَ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثِيَابُنَا هَذِهِ قَدْ خَالَطَهَا
الْحَرِيرُ وَهُوَ قَلِيلٌ فَقَالَ اتْرُكُوا قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ
وَكَانَ الْحَسَنُ يَكْرَهُ كَثِيرَهُ وَقَلِيلَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ تابع الحسن في ذلك بن عمر كراهة وكان بن عمر كثير التشدد
وأما بن عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّوْبَ الَّذِي هُوَ
حَرِيرٌ كله
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 320
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ
قَالَ حَدَّثَنِي النُّفَيْلِيُّ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ
أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي خَصِيفٌ عَنْ عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنَ الْحَرِيرِ فَأَمَّا الْقَلَمُ مِنَ الْحَرِيرِ وَسُدَا
الثَّوْبِ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ بن عَبَّاسٍ تَفْسِيرُ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ
مِنَ الْعُلَمَاءِ
وَأَمَّا نُصُوصُ أَقْوَالِ الفقهاء في هذا الباب
فروى بن وهب وبن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَكْرَهُ لِبَاسَ الْخَزِّ لِأَنَّ سُدَاهُ حَرِيرٌ
قَالَ مَالِكٌ وَذَكَرَ لُبْسَ الْخَزِّ فَقَالَ قَوْمٌ يَكْرَهُونَ لِبَاسَ الْخَزِّ وَيَلْبَسُونَ قَلَانِسَ الْخَزِّ فَعَجَبًا
مِنَ اخْتِلَافِ رَأْيِهِمْ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِبَاسُ الْخَزِّ لِأَنَّ سُدَاهُ حَرِيرٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ خِلَافُ مَا فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَسَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
الزُّبَيْرِ مِطْرَفَ خَزٍّ كَانَتْ تَلْبَسُهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَبِسَ الخز وما أضنه الصَّحِيحُ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحِيحُ
عَنْهُ مَا ذكره الدولابي عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْعَجَمِيَّةَ وَيَسْتَجِيدُهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا جَمَاعَةً مِمَّنْ لَبِسَ الْخَزَّ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا
وَذَلِكَ كُلُّهُ يشهد لما قاله بن عَبَّاسٍ فِي الْحَرِيرِ الَّذِي حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرِّجَالِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَلْبَسُ
الْخَزَّ وَيُحَرِّمُ لِبَاسَ الْحَرِيرِ والصرف الْخَالِصِ
وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي ذُبْيَانَ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ
فَقَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ رَأَيْتُ سَعْدَ بْنِ أَبِي وَقَاصٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا
هُرَيْرَةَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَلْبَسُونَ الخز
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 321
وَرَوَى عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ قَدِمَتْ عَلَى مَرْوَانَ مَطَارِفُ خَزٍّ فَكَسَاهَا أَصْحَابَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلَيْهِ مِنْهَا مِطْرَفٌ
أَغْيَرُ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى طَرَفِ الْإِبْرَيْسَمِ فِيهِ
وَقَالَ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ رَأَيْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ جُبَّةً شَامِيَّةً قِيَامُهَا قَزٌّ وَرَأَيْتُ
عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ خَمَائِصَ مُعَلَّمَةً
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَزَّ الَّذِي كَانُوا يلبسونه كان فيه الحرير
وروي عن بن عُمَرَ أَنَّ الْخَزَّ الَّذِي كَانُوا يَلْبَسُونَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَرِيرٌ
وَكَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يعجبه مذهب بن عُمَرَ وَوَرَعُهُ وَلِذَلِكَ كَانَ يَكْرَهُ لِبَاسَ
الْخَزِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ
عَنِ الْحَرِيرِ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي
الْآخِرَةِ
وَحَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ دَاوُدَ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
قَالَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ
قَالَ وَحَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ قَلِيلَ الْحَرِيرِ وَكَثِيرَهُ
وَهَذَا كُلُّهُ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَبَاحَ لِبَاسَ قَبَاءَ مَحْشُوٍّ بِقَزٍّ لِأَنَّ الْقَزَّ بَاطِنٌ فَكَأَنَّ
الْمَلْبُوسَ عِنْدَهُ الْمَكْرُوهَ مِنَ الْحَرِيرِ مَا كَانَ ظَاهِرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَرَاهَةِ
الْوَارِدَةِ فِي الشُّبْهَةِ بِزِيِّ الْأَعَاجِمِ وَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَمِثْلُ هَذَا حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّ سَعْدَ بن أبي وقاص استأذن
على بن عَبَّاسٍ وَعَلَيْهِ مِطْرَفُ خَزٍّ شَطْرُهُ حَرِيرٍ فَقَالَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا يَلِي
جِلْدَهُ مِنْهُ الْخَزُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بَأْسَ بلبس مَا كَانَ سُدَاؤُهُ حَرِيرًا وَلُحْمَتُهُ غَيْرَ حَرِيرٍ
قَالَ أَكْرَهُ مَا كَانَ لُحْمَتُهُ حَرِيرًا وَسُدَاهُ غَيْرَ حَرِيرٍ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا بَأْسَ بِلِبَاسِ الْخَزِّ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُهْرَةٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِ
شُهْرَةٌ فَلَا خَيْرَ فِيهِ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ حُصَيْنٍ قال
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 322
كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا تَلْبَسْ مِنَ الْحَرِيرِ إِلَّا كَمَا كَانَ سُدَاهُ قُطْنًا أَوْ كَتَّانًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ فَقَالَ هُوَ
حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حلال على إناثهم
وأجمع السَّلَفُ وَالْخَلَفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ حَرِيرًا كُلُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ
لِلرِّجَالِ لِبَاسُهُ
وَلَبِسَ الْخَزَّ جَمَاعَةٌ مِنْ جُلَّةِ السَّلَفِ وَكَانَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ
وَعَلَيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يَلْبَسُونَ الْخَزَّ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ مِنَ الزُّهْدِ دَاعِيَةٌ إِلَى الزَّهْوِ
مُضَارِعٌ لِزِيِّ الْعَجَمِ
وَاخْتَلَفَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي لِبَاسِ الْخَزِّ وَأَعْلَامِ الْحَرِيرِ عَلَى نَحْوِ
اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَكُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ ثَوْبَ الْحَرِيرِ إِذَا لَمْ
يُخَالِطْهُ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ لِبْسُهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُمْ
وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي يُتَزَيَّنُ بِهَا وَيُتَجَمَّلُ بِلِبَاسِهَا فَغَيْرُ حَرَامٍ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا
أن مَنْ تَرَكَ الْمُبَاحَ مِنْهَا تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَزُهْدًا فِي الدُّنْيَا وَاسْتَسْهَلَ الْخُشُونَةَ فِي مَطْعَمِهِ
وَمَلْبَسِهِ رضى بِالدُّونِ مِنْ ذَلِكَ فَتِلْكَ مَنْزِلَةٌ أُخْرَى
وَأَمَّا الْحَرَامُ فَلَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أخرج لعباده والطيبت مِنَ الرِّزْقِ)
الْأَعْرَافِ 32
قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّا قَدْ أَرْضَى اللَّهُ علينا ووسع الله علينا
فتناول مِنْ كُسْوَةٍ وَطِيبٍ مَا لَوْ شِئْنَا اكْتَفَيْنَا بِدُونِهِ فَمَا تَقُولُ قَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّ اللَّهَ
تَعَالَى قَدْ أَدَّبَ أَهْلَ الْإِيمَانِ فَأَحْسَنَ أَدَبَهُمْ قَالَ (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ومن قدر
عليه رزقه فلينفق مما ءاته اللَّهُ) الطَّلَاقِ 7 وَأَنَّ اللَّهَ مَا عَذَّبَ قَوْمًا أَعْطَاهُمُ الدُّنْيَا
فَشَكَرُوهُ وَلَا عَذَرَ قَوْمًا ذَوَى عَنْهُمُ الدُّنْيَا فَعَصَوْهُ
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ الْبَسُوا ثِيَابَ الْمُلُوكِ وَأَشْعِرُوا قُلُوبَكُمُ الْخَشْيَةَ
وَقَدْ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَلْبَسُ الْخَزَّ
وَكَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَلْبَسُ الصُّوفَ وَكَانَا يَتَجَالَسَانِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُنْكِرُ
وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِبَاسَهُ
وَقَدْ كَرِهَ الْعُلَمَاءُ مِنَ اللِّبَاسِ الشُّهْرَتَيْنِ وَذَلِكَ الْإِفْرَاطُ فِي الْبَذَاذَةِ وَفِي الْإِسْرَافِ وَالْغُلُوِّ
وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ إِنَّ قَوْمًا جعلوا خشوعهم
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 323
فِي لِبَاسِهِمْ وَكِبْرَهُمْ فِي صُدُورِهِمْ وَشَهَّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِلِبَاسِ هَذَا الصُّوفِ حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ
بِمَا يَلْبَسُ مِنْ هَذِهِ الصُّوفِ أَشَدُّ كِبْرًا مِنْ صَاحِبِ الْمِطْرَفِ بِمِطْرَفِهِ
وَقَالَ رَجُلٌ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مَا أَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ فَقَالَ مَا لَا يُشْهِرُكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَلَا
يُحَقِّرُكَ عِنْدَ السُّفَهَاءِ
وَقَالَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ
(تَصَوَّفَ فَازْدَهَى بِالصُّوفِ جَهْلًا ... وَبَعْضُ النَّاسِ يَلْبَسُهُ مِجَانَّهْ)
(يُرِيدُ مَهَابَةً وَيُجِنُّ كِبْرًا ... وَلَيْسَ الْكِبْرُ مِنْ شَكْلِ الْمَهَابَهْ) وَلِهِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الرَّقِّيِّ وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ
(أَجِدُ الثِّيَابَ إِذَا اكْتَسَيْتُ بِهَا ... زَيْنَ الرِّجَالِ بِهَا تَهَابُ وَتُكْرَمُ)
(وَدَعِ التَّوَاضُعَ فِي اللِّبَاسِ تَحَرِّيًا ... فَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ وَتَكْتُمُ)
(فَدَنِيُّ ثَوْبِكَ لَا يَزِيدُكَ زُلْفَةً ... عِنْدَ الْإِلَهِ وَأَنْتَ عَبْدٌ مُجْرِمُ)
(وَبَهَاءُ ثَوْبِكَ لَا يَضُرُّكَ بَعْدَ أَنْ ... تَخْشَى الْإِلَهَ وَتَتَّقِي مَا يَحْرُمُ)
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَانٍ ظَاهِرَةٌ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا وَذَكَرْتُ الشواهد عليها في التمهيدمنها
جَوَازُ الْهَدِيَّةِ وَالصِّلَةِ لِلْأَقَارِبِ وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا لِقَوْلِهِ فَكَسَاهَا أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ