مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْ
يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ وَأَنْ يَحْتَبِيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ
 
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 338
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْ
يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ وَأَنْ يَحْتَبِيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَكْلُ بِالشِّمَالِ يَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي
الْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَأَمَّا اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ فَقَدْ فَسَّرَهَا أَهْلُ اللُّغَةِ وَفَسَّرَهَا الْفُقَهَاءُ
وَأَتَى فِي الآثار تفسيرها وهو أَعْلَى مَا فِي ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ
فَيُجَلِّلُ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ ولا يرفع منه جانبا يحرج مِنْهُ يَدَهُ وَرُبَّمَا اضْطَجَعَ فِيهِ عَلَى
تِلْكَ الْحَالِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يُصِيبُهُ شَيْءٌ يُرِيدُ الِاحْتِرَاسَ مِنْهُ
وَأَنْ يَدْفَعَهُ بِيَدِهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ لِإِدْخَالِهِ يَدَيْهِ جَمِيعًا فِي ثِيَابِهِ
فَهَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ
قَالَ وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَيْهِ
غَيْرُهُ ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ وَيَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَيَبْدُو مِنْهُ فَرْجُهُ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْفُقَهَاءُ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ فِي هَذَا وَذَلِكَ أَصَحُّ مَعْنًى فِي الْكَلَامِ
وَقَالَ الْأَخْفَشُ الِاشْتِمَالُ أَنْ يَلْتَفَّ الرَّجُلُ بِرِدَائِهِ أَوْ بِكِسَائِهِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمِهِ يَرُدُّ
طَرَفِ الثَّوْبِ الْأَيْمَنِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ فَهَذَا هُوَ الِاشْتِمَالُ
فَإِنْ هُوَ لَمْ يَرُدَّ طَرَفَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ وَتَرَكَهُ مُرْسَلًا إِلَى الْأَرْضِ فَذَلِكَ
السَّدْلُ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ
قَالَ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ وَقَدْ سَدَلَ
ثَوْبَهُ فَعَطَفَهُ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ مُشْتَمِلًا
قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الرَّجُلِ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَاشْتَمَلَ بِهِ فَرَفَعَ الثَّوْبَ عَنْ يَسَارِهِ حَتَّى
أَلْقَاهُ عَنْ مَنْكِبِهِ فَقَدِ انْكَشَفَ شِقُّهُ الْأَيْسَرُ كُلُّهُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 339
وَهَذَا هُوَ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ
فَإِنْ هُوَ أَخَذَ طَرَفَ الثَّوْبِ الْأَيْسَرِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُسْرَى فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ
وَأَلْقَى طَرَفَ الثَّوْبِ الْأَيْمَنَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ فَهَذَا التَّوَشُّحُ الَّذِي
جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ وَأَمَّا الِاضْطِبَاعُ فَإِنَّهُ لِلْمُحْرِمِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدِيًا بِالرِّدَاءِ أَوْ مُشْتَمِلًا فَيَنْكَشِفُ
مَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ حَتَّى يَصِيرَ الثَّوْبُ تَحْتَ إِبِطَيْهِ
وَهَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ طَافَ
وَسَعَى مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ أَخْضَرَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلُهُ
قَالَ وَالِارْتِدَاءُ أَنْ يَأْخُذَ بِطَرَفَيِ الثَّوْبِ فَيُلْقِيهِمَا عَلَى صَدْرِهِ وَمَنْكِبَيْهِ وَسَائِرُ الثَّوْبِ
خلفه
وقال بن وَهْبٍ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ أَنْ يَرْمِيَ بِطَرَفَيِ الثَّوْبِ جَمِيعًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ
وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ أَجَازَهَا عَلَى ثَوْبٍ ثُمَّ كَرِهَهَا
وَفِي سَمَاعِ بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الصَّمَّاءِ
كَيْفَ هِيَ قَالَ يَشْتَمِلُ الرِّدَاءَ ثُمَّ يُلْقِي الثَّوْبَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَيُخْرِجُ يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ
تَحْتِ الثَّوْبِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِزَارٌ
قِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ إِنْ لَبِسَ الثَّوْبَ هَكَذَا وَعَلَيْهِ إزار قال لا بأس بذلك
قال بن الْقَاسِمِ ثُمَّ كَرِهَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عليه إزار
قال بن الْقَاسِمِ وَتَرْكُ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِلْحَدِيثِ وَلَسْتُ أَرَاهُ ضَيِّقًا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ إِزَارٌ
قَالَ مَالِكٌ وَالِاضْطِبَاعُ أَنْ يَرْتَدِيَ الرَّجُلُ فَيُخْرِجُ ثَوْبَهُ من تحت يده اليمنى
قال بن الْقَاسِمِ وَأَرَاهُ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا مَا جَاءَ فِي الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ مِنْ تَفْسِيرِ الصَّمَّاءِ فِي التَّمْهِيدِ
فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ كُلِّ لِبْسَةٍ يَنْكَشِفُ الرَّجُلُ فِيهَا حَتَّى يَبْدُوَ فَرْجُهُ فَإِنَّهُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 340
لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ كَشْفُ فَرْجِهِ فِي مَوْضِعٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ آدَمِيٌّ إِلَّا حَلِيلَتَهُ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ
وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَقَدْ جَاءَ مَنْصُوصًا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّمَّاءِ وَنَهَى أَنْ يَلْتَحِفَ الرَّجُلُ أَوْ يَحْتَبِيَ
فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى عَوْرَتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ
وَفِي بَعْضِهَا كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ
وَأَمَّا اشْتِقَاقُ اللَّفْظَةِ فِي اللُّغَةِ فَإِنَّمَا قِيلَ لِتِلْكَ اللِّبْسَةِ الصَّمَّاءُ لِأَنَّهَا لِبْسَةٌ لَا انْفِتَاحَ فِيهَا
كَأَنَّ لَفْظَهَا مَأْخُوذٌ مِنَ الصُّمِّ وَمِنْهُ قِيلٌ لِمَنْ لَا يَسْمَعُ أَصَمُّ لِأَنَّهُ لَا انْفِتَاحَ فِي سَمْعِهِ
وَمِنْهُ قِيلَ لِلْفَرِيضَةِ الَّتِي لَا تَتَّفِقُ سِهَامُهَا صَمَّاءُ لِأَنَّهُ لَا انْفِتَاحَ فِيهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاسْمُ الشَّرْعِيُّ أَوْلَى فِي هَذَا الْقَوْلِ مِنَ اللُّغَوِيِّ