مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
الله عليه وسلم قال أَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ أَوْ خَمِّرُوا الْإِنَاءَ
وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غَلَقًا وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً
وَلَا يَكْشِفُ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
الله عليه وسلم قال أَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ أَوْ خَمِّرُوا الْإِنَاءَ
وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غَلَقًا وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً
وَلَا يَكْشِفُ إناء وإن الفويسقة تضرم على الناس بينهم
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 362
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى تُضْرِمُ على الناس بينهم
وتابعه بن وهب وبن القاسم
وقال بن بكير بيوتهم
وقال القعنبي بينهم أَوْ بُيُوتَهُمْ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِغَلْقِ الْأَبْوَابِ مِنَ الْبُيُوتِ فِي اللَّيْلِ وَتِلْكَ سُنَّةٌ مَأْمُورٌ بِهَا
رِفْقًا بِالنَّاسِ لِشَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غَلَقًا وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً فَذَلِكَ إِعْلَامٌ مِنْهُ وَإِخْبَارٌ عَنْ نِعَمِ
اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى عِبَادِهِ مِنَ الْإِنْسِ إِذْ لَمْ يُعْطَ قُوَّةً عَلَى قُوَّةِ فَتْحِ بَابٍ وَلَا
حَلِّ وِكَاءٍ وَلَا كَشْفِ إِنَاءٍ وَأَنَّهُ قَدْ حُرِمَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أُعْطِيَ مَا هُوَ أَكْثَرُ
مِنْهَا مِنَ التَّخَلُّلِ وَالْوُلُوجِ حَيْثُ لَا يَلِجُ الْإِنْسُ
وَقَوْلُهُ أَوْكُوا السِّقَاءَ مَعْنَاهُ أَيْضًا قَرِيبٌ مِمَّا وَصَفْنَا فِي غَلْقِ الْبَابِ وَالسِّقَاءُ الْقِرْبَةُ وَقَدْ
تَكُونُ الْقُلَّةُ وَالْخَابِيَةُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُمَا في ذلك المعنى
وقوله أكفؤوا الْإِنَاءَ مَعْنَاهُ اقْلِبُوهُ عَلَى فِيهِ أَوْ خَمِّرُوهُ - شَكَّ الْمُحَدِّثُ
وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ تَجُولُ بِالْبُيُوتِ وَالدُّورِ بِاللَّيْلِ وَفِيهِمْ مَرَدَةٌ تُؤْذِي بِدُرُوبٍ
مِنَ الْأَذَى وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي أَفْعَالِهِمْ فِي كِتَابِ الْعُلَمَاءِ وَمَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَاتِ فِي أَزْمِنَةٍ
شَتَّى وَهُمْ لَنَا أَعْدَاءٌ وَحَسْبُكَ بِفِعْلِ الْعَدُوِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ
دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) الْكَهْفِ 50 وَالْكَلِمَةُ مِنْ قَوْلِهِ أَكْفِئُوا الْإِنَاءَ ثُلَاثِيَّةٌ مَهْمُوزَةٌ يُقَالُ
كَفَأْتُ الْإِنَاءَ أَكْفَؤُهُ فَهُوَ مَكْفُوءٌ إِذَا قَلَبْتُهُ
قَالَ بن هرمة
(عندي لهذا الزمان آنية ... أملأها مَرَّةً وَأَكْفَؤُهَا) وَقَوْلُهُ أَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ مَهْمُوزٌ أَيْضًا
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أطفأها الله) المائدة 64
وقال بن هَرْمَةَ
(بَرَزْتُ فِي غَايَتِي وَشَايَعَنِي ... مُوقِدُ نَارِ الْوَغَى وَمُطْفِئُهَا) وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِطْفَاءِ الْمِصْبَاحِ رِفْقًا بِأُمَّتِهِ وَحِيَاطَةً عَلَيْهِمْ وَأَدَبًا لَهُمْ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 363
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ
رَوَاهُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مَنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَوْلُهُ الْفُوَيْسِقَةُ يَعْنِي الْفَأْرَةَ سَمَّاهَا بِذَلِكَ لِأَذَاهَا النَّاسَ
وَكُلُّ مَنْ يُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ مَا اكْتَسَبُوا فَهُوَ فَاسِقٌ خَارِجٌ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَذَكَرَ مِنْهُنَّ الفأرة
وقوله تضرم على الناس أي تشعل النار على الناس
قال بن وَهْبٍ وَغَيْرُهُ رُبَّمَا جَعَلَتِ الْفَتِيلَةَ مَوْقُودَةً حَتَّى تَجْعَلَهَا فِي السَّقْفِ فَتَحْرِقَ
الْبَيْتَ
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ لِمَ قِيلَ لِلْفَأْرَةِ الْفُوَيْسِقَةُ
قَالَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ وَقَدْ أَخَذَتْ فَتِيلَةً لِتَحْرِقْ بِهَا الْبَيْتَ
وَحَدِيثُ بن عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَأَتَتْ بِهَا بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ دِرْهَمٍ
فَقَالَ إِذَا نِمْتُمْ فَاطْفِئُوا سُرُجَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتَحْرِقَكُمْ
وَمِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ أَوْ نِهَاقَ الْحَمِيرِ بِاللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ فَإِنَّهُنَّ يَرَوْنَ مَا لَا تَرَوْنَ وَأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأْتِ الرِّجْلُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبُثُّ
مِنْ خَلْقِهِ فِي لَيْلِهِ مَا شَاءَ وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا
يَفْتَحُ بَابًا أُجِيفَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَغَطُّوا الْجِرَارَ وَأَكْفِئُوا الْآنِيَةَ وَأَوْكُوا الْقِرَبَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَتَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَرْطُ التَّسْمِيَةِ فِي الْبَابِ إِذَا أُجِيفَ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 364
وَجَاءَ فِي غَيْرِهِ أَيْضًا مِثْلُهُ فِي تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ أَوْ قَلْبِهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَعْتَرِضُهُ إِذَا
سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِهِ
وَهَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَابِرٍ بِذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَيْضًا حَدِيثَ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ جَابِرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ بِهَا وَبَاءٌ لَا يَمُرُّ
بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٌ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ
قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَعَاجِمُ يَتَّقُونَ ذَلِكَ فِي كَانُونَ الْأَوَّلِ
وَفِي حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَمِّرُوا الْآنِيَةَ وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ وَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْمَسَاءِ فَإِنَّ لِلْجِنِّ
انْتِشَارًا وَخَطْفَةً
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَيْضًا خَبَرَ
اخْتِطَافِ الْجِنِّ لِلَّذِي ضَرَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْأَجَلَ لِامْرَأَتِهِ حِينَ فَقَدَتْهُ
وَقَدْ روى بن وهب عن حيوة بن شريح وبن لهيعة عن عقيل عن بن شِهَابٍ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَنَحَ اللَّيْلُ فَاحْبِسُوا أَوْلَادَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ
مِنْ خَلْقِهِ بِاللَّيْلِ مَا لَا يَبُثُّ بِالنَّهَارِ
قَالَ عُقَيْلٌ يُتَّقَى عَلَى المرأة أن تتوضأ عند ذلك
قال بن شِهَابٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ وَأَحَدُكُمْ عَلَى
فِرَاشِهِ أَوْ أَيْنَ مَا كَانَ فَاهْدَءُوا سَاعَةً فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ إِذَا سَمِعَتِ النِّدَاءَ اجْتَمَعُوا
وَعَشُّوا
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي يحيى بن سعيد عن بن جُرَيْجٍ عَنْ
عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ
اللَّهِ وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُهُ عَلَيْهِ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ
اللَّهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِّينَا عن بن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ وَمَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَدْ شَكَرَ
اللَّهَ وَمَنْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَدْ عَظَّمَ اللَّهَ وَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ وَحَّدَ اللَّهَ وَمَنْ
قَالَ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 365
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَظِيمِ فَقَدْ سَلَّمَ وَاسْتَسْلَمَ وَكَانَ لَهُ بِهَا كَنْزٌ فِي الْجَنَّةِ