مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عيسى بن مَرْيَمَ كَانَ يَقُولُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَيْكُمْ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ وَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَخُبْزِ الشَّعِيرِ وَإِيَّاكُمْ وَخُبْزَ الْبُرِّ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَقُومُوا بِشُكْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَاءُ الْقَرَاحُ هُوَ الصَّافِي الَّذِي لَا يَشُوبُهُ شَيْءٌ لَمْ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عيسى بن مَرْيَمَ كَانَ يَقُولُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَيْكُمْ بِالْمَاءِ
الْقَرَاحِ وَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَخُبْزِ الشَّعِيرِ وَإِيَّاكُمْ وَخُبْزَ الْبُرِّ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَقُومُوا بِشُكْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَاءُ الْقَرَاحُ هُوَ الصَّافِي الَّذِي لَا يَشُوبُهُ شَيْءٌ لَمْ يُمْزَجْ بِعَسَلٍ وَلَا زَيْتٍ وَلَا تَمْرٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تُصْنَعُ مِنْهُ الْأَشْرِبَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا جاء من الْآثَارِ فِي أَنَّ قَوْلَ الْعَبْدِ عَلَى طَعَامِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرُ تِلْكَ النِّعْمَةِ يُعَارِضُ خَبَرَ عِيسَى هَذَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ أَفْضَلُ الشُّكْرِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشَدَّ الْأَنْبِيَاءِ زُهْدًا فِي الدُّنْيَا وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ زُهَّادًا فِيهَا وَمَا بُعِثَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّغْبَةِ فِيهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 376 حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِي بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمٍ والأعمش عَنْ أَبِي صَالِحٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ اتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ مَسَاكِنَ وَاتَّخِذُوا الْبُيُوتَ مَنَازِلَ وَانْجُوا مِنَ الدُّنْيَا بِسَلَامٍ وَكُلُوا مِنْ بَقْلِ الْبَرِّيَّةِ وَزَادَ الْأَعْمَشُ فِيهِ وَاشْرَبُوا مِنَ الْمَاءِ الْقَرَاحِ قَالَ وَحَدَّثَنِي جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ كَانَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَا يَرْفَعُ غَدَاءً لِعَشَاءٍ وَلَا عَشَاءً لِغَدَاءٍ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ رِزْقَهُ وَكَانَ يَلْبَسُ الشَّعْرَ وَيَأْكُلُ الشَّجَرَ وَيَنَامُ حَيْثُ أَمْسَى وَرَوَيْنَا أَنَّ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ لَهُ الْحَوَارِيُّونَ يا عيسى بن مَرْيَمَ مَا تَأْكُلُ قَالَ خُبْزَ الشَّعِيرِ قَالُوا وَمَا تَلْبَسُ قَالَ الصُّوفَ قَالُوا وَمَا تَفْتَرِشُ قَالَ الْأَرْضَ قَالُوا كُلُّ هَذَا شَدِيدٌ قَالَ لَنْ تَنَالُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى تُصِيبُوا هَذَا عَلَى لَذَّةٍ أَوْ قَالَ عَلَى شَهْوَةٍ وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَقَالَ كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ قَالُوا بِخَيْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ أَمْ إِذَا غَدَا عَلَى أَحَدِكُمْ بِجَفْنَةٍ وَرِيحَ عَلَيْهِ بِأُخْرَى وَسَتَرَ أَحَدُكُمْ بَيْتَهُ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُصِيبُ ذَلِكَ وَنَحْنُ عَلَى دِينِنَا قَالَ نَعَمْ قَالُوا فَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ نَتَصَدَّقُ وَنُعْتِقُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ إِنَّكُمْ إِذَا أَصَبْتُمْ ذَلِكَ تَحَاسَدْتُمْ وَتَبَاغَضْتُمْ وَتَقَاطَعْتُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ يَصُدُّ أَصْحَابَهُ وَيَرْدَعُهُمْ عَلَى خَوَاطِرِ حُبِّ الدُّنْيَا وَمَا يَعْرِضُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ تَمَنِّيهَا وَيُزَهِّدُهُمْ فِيهَا مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَتْهُ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - خَادِمًا يَخْدِمُهَا مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ تَصُونُهَا عَنِ الطَّحِينِ وَمُؤْنَةِ الْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا أَلَا أَدُلَّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ ذَلِكَ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدِينَهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتُهَلِّلِينَهُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 377 وَمِثْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوِ الْعَقِيقِ فَيَأْتِي مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطِيعَةِ رَحِمٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّنَا نُحِبُّ ذَلِكَ فَقَالَ أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَتَعَلَّمُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَةٍ وَآيَتَيْنِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ وَاللَّهِ مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنَّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يَفْتَحُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا فَتَتَنَافَسُونَ فِيهَا كَمَا تَنَافَسَ مَنْ قَبْلَكُمْ فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِدًّا وَمَنْ فَهِمَ وَوُفِّقَ فَالْقَلِيلُ يَكْفِيهِ |