مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخْلَ الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ فِيهِ
أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
فَسَأَلَهُمَا فَقَالَا أَخْرَجَنَا الْجُوعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَخْرَجَنِي
الْجُوعُ فَذَهَبُوا إِلَى (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخْلَ الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ فِيهِ
أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
فَسَأَلَهُمَا فَقَالَا أَخْرَجَنَا الْجُوعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَخْرَجَنِي
الْجُوعُ فَذَهَبُوا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ الْأَنْصَارِيِّ فَأَمَرَ لَهُمْ بِشَعِيرٍ عِنْدَهُ يُعْمَلُ وَقَامَ
يَذْبَحُ لَهُمْ شَاةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكِّبْ عَنْ ذَاتِ الدَّرِّ فَذَبَحَ لَهُمْ
شَاةً وَاسْتَعْذَبَ لَهُمْ مَاءً فَعُلِّقَ فِي نَخْلَةٍ ثُمَّ أُتُوا بِذَلِكَ الطَّعَامِ فَأَكَلُوا مِنْهُ وَشَرِبُوا مِنْ
ذَلِكَ الْمَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ هَذَا الْيَوْمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَدًا مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ
ذَكَرْنَاهَا فِي التَّمْهِيدِ وَأَتَمُّهَا وَأَكْمَلُهَا مَا حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قِرَاءَةً مِنِّي
عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَاعَةٍ لَا يَخْرُجُ فِيهَا وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا
أَحَدٌ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ مَا أَخْرَجَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ خَرَجْتُ لِلِقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّظَرِ فِي وَجْهِهِ قال فلم
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 378
يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ مَا أَخْرَجَكَ يَا عُمَرُ قَالَ الْجُوعُ
قَالَ وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ الَّذِي تَجِدُ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ وَكَانَ
كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَدَمٌ فَأَتَوْهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ وَوَجَدُوا امْرَأَتَهُ فَقَالُوا أَيْنَ
صَاحِبُكِ فَقَالَتْ ذَهَبَ لِيَسْتَعْذِبَ لَنَا الْمَاءَ مِنْ قَنَاةِ بَنِي فُلَانٍ مَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِقِرْبَتِهِ
يَزْغُبُهَا فَوَضَعَهَا فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَلْتَزِمُهُ وَيَفْدِيهِ بِأَبِيهِ
وَأُمِّهِ فَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى ظِلٍّ وَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلَةٍ فَجَاءَ بِقِنْوٍ فَوَضَعَهُ
بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَنَقَّيْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ
فَقَالَ أَرَدْتُ أَنْ تَتَخَيَّرُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ فَأَكَلُوا ثُمَّ شَرِبُوا مِنَ الْمَاءِ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي أنتم عنه
هَذَا ظِلٌّ بَارِدٌ وَالرُّطَبُ الْبَارِدُ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْبَارِدُ
ثُمَّ انْطَلَقَ يَصْنَعُ لَهُمْ طَعَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَذْبَحْ ذَاتِ دَرٍّ
قَالَ فَذَبَحَ لَهُمْ عِنَاقًا فَأَكَلُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَكَ مِنْ خَادِمٍ
قَالَ لَا قَالَ فَإِذَا أَتَانَا شَيْءٌ أَوْ قَالَ سَبْيٌ - فَأْتِنَا قَالَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَانِ لَيْسَ لَهُمَا ثَالِثٌ فَأَتَاهُ أَبُو الْهَيْثَمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خُذْ أَحَدَهُمَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ خِرْ لِي أَنْتَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ خُذْ هَذَا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي
وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا
فَأَتَى بِهِ امْرَأَتَهُ فَحَدَّثَهَا بِحَدِيثِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ مَا أَنْتَ بِبَالِغٍ
مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ حَتَّى تَعْتِقَهُ قَالَ هُوَ عَتِيقٌ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا وَلَا خَلِيفَةً إِلَّا وَلَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ
تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَبِطَانَةٌ لَا تألوه خَبَالًا وَمَنْ يُوقَ بِطَانَةَ الشَّرِّ فَقَدْ
وُقِيَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ
مِنْ ضِيقِ الْحَالِ وَشَظَفِ الْعَيْشِ وَمَا زَالَ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ يَجُوعُونَ مَرَّةً وَيَشْبَعُونَ
أُخْرَى
وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ مَعَانِي الْآدَابِ وَغَيْرِهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ يَمْدَحُ أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ التَّيِّهَانِ
(فَلَمْ أَرَ كَالْإِسْلَامِ عِزًّا لِأَهْلِهِ ... وَلَا مِثْلَ أَضْيَافِ الْأَرَاشِيِّ مَعْشَرَا)
نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَفَارُوقُ أُمَّةٍ ... وَخَيْرُ بَنِي حَوَّاءَ فَرْعًا وَعُنْصُرَا)
فَوَافَقَ لِلْمِيقَاتِ قَدْرَ قَضِيَّةٍ ... وَكَانَ قَضَاءُ اللَّهِ قَدْرًا مُقَدَّرَا)
(إِلَى رَجُلِ نَجْدٍ يُبَارِي بِجُودِهِ ... شُمُوسَ الضُّحَى جُودًا ومجدا ومفخرا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 379
(وَفَارِسُ خَلْقِ اللَّهِ فِي كُلِّ غَارَةٍ ... إِذَا لبس القوم الحديد المسمرا)
ففدى وحيى ثُمَّ أَدْنَى قِرَاهُمْ ... فَلَمْ يَقِرْهُمْ إِلَّا سَمِينًا مُعَمَّرَا)
وَرَوَيْنَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قول الله تعالى (ثم لتسئلن يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) التَّكَاثُرِ
8 قَالَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا