مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عن بن عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا عَدْوَى وَلَا هَامَ وَلَا صَفَرَ وَلَا يَحِلُّ الْمُمْرِضُ عَلَى
الْمُصِحِّ وَلْيَحْلُلِ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا ذَاكَ فَقَالَ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عن بن عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا عَدْوَى وَلَا هَامَ وَلَا صَفَرَ وَلَا يَحِلُّ الْمُمْرِضُ عَلَى
الْمُصِحِّ وَلْيَحْلُلِ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا ذَاكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ أَذًى
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى وَتَابَعَهُ قَوْمٌ مِنْ رُوَاةِ الموطأ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 421
وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَالتِّنِّيسِيُّ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَزِيَادُ بْنُ يونس وبن بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ
عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عن بن عَطِيَّةَ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَزَادُوا فِي
الإسناد عن أبي هريرة إلا أن بن بكير قال فيه عن بن عطية الأشجعي وقد قيل
إن بن عَطِيَّةَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَيُكْنَى أَبَا عَطِيَّةَ وَقِيلَ إِنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا فِي
هَذَا الْحَدِيثِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَأْتِ إِلَّا بِحَدِيثٍ مَعْرُوفٍ مَحْفُوظٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رَوَى
حَدِيثَهُ هَذَا بِشْرُ بْنُ عمر عن مالك فقال فيه عن بن عَطِيَّةَ أَوْ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ
حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي
مالك أنه بلغه عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ أَوِ بن عَطِيَّةَ - شَكَّ
بِشْرٌ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَ
وَلَا يُعْدِي سَقِيمٌ صَحِيحًا وَلْيَحُلَّ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
وَرَوَى أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ لَا عَدْوَى وَلَا هَامَ وَلَا طِيَرَةَ سعد
بن أبي وقاص وبن عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَقَدْ ذَكَرْتُ أَحَادِيثَهُمْ كُلَّهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَذَكَرْتُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى الطِّيَرَةِ وَالْفَأْلِ وَمَعْنَى الْهَامِ وَالصَّفَرِ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ
عَنِ السَّلَفِ مِنَ الْأَخْبَارِ وَعَنِ الْعَرَبِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْأَشْعَارِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ التَّمْهِيدِ
أحدهما هذا البلاغ والآخر حديث بن شهاب عن سَالِمٍ وَحَمْزَةَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ مِنْ ذَلِكَ طُرُقًا وَنَذْكُرُ ها هنا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَوْ طَرِيقًا
وَاحِدًا
أَمَّا قَوْلُهُ لَا عَدْوَى فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا وَلَا يُعْدِي سَقِيمٌ صَحِيحًا وَاللَّهُ
يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ لَا شَيْءَ إِلَّا مَا شَاءَ
وَكَانَتِ الْعَرَبُ أَوْ أَكْثَرُهَا تَقُولُ بِالْعَدْوَى وَالطِّيَرَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَا يُصَدِّقُ بِذَلِكَ
وَيُنْكِرُهُ
وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فِي مَذْهَبِهِ أَشْعَارٌ وَقَدْ ذَكَرْتُ مِنْهَا فِي التَّمْهِيدِ مَا يَكْفِي
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى إِعْلَامًا مِنْهُ أَنَّ مَا اعْتُقِدَ مِنْ ذَلِكَ
مَنِ اعْتَقَدَهُ مِنْهُمْ كَانَ باطلا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 422
وَأَنْشَدَ الشَّافِعِيُّ لِلْحُطَيْئَةِ يَمْدَحُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ
(لا يزجر الطير شيخا إِنْ عَرَضْنَ لَهُ ... وَلَا يَفِيضُ عَلَى قَسْمٍ بِأَزْلَامِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ
يَعْنِي أَنَّهُ سَلَكَ طَرِيقَ الْإِسْلَامِ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَرَكَ زَجْرَ الطَّيْرِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ يَمْدَحُ نَفْسَهُ
(وَلَا أَنَا مِمَّنْ يَزْجُرُ الطَّيْرَ هَمُّهُ ... أَصَاحَ غُرَابٌ أَمْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ) وَلِلشَّافِعِيِّ -
رحمه الله - كلام في السائح مِنَ الطَّيْرِ وَالْبَارِحِ ذَكَرَهُ حِينَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أقروا الطير على وكناتها ويروى على مكانتها وقد ذَكَرْنَاهُ
فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا هَامَ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي ذَلِكَ فَقَالُوا أَوْ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا
قُتِلَ خَرَجَ مِنْ رَأْسِهِ طَائِرٌ يَزْفُو فَلَا يَسْكُتُ حَتَّى يُقْتَلَ قَاتِلُهُ
وَقَالَ شَاعِرُهُمْ
(فإن تك هامة بالمرء تزفو ... وقد أَزْفَيْتُ بِالْمَرْوَيْنِ هَامَهْ) يُرِيدُ مَرْوَ الرُّوذِ وَمَرْوَ
الشَّلَنْجَاتِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ عِظَامُ الْقَتِيلِ تَصِيرُ هَامَةً فكانت تطير وكانوا يسمون ذلك الطائر
الصداء
قَالَ لَبِيَدٌ يَرْثِي أَخَاهُ
(فَلَيْسَ النَّاسُ بَعْدَكَ فِي نَفِيرٍ ... وَمَا هُمْ غَيْرُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 423
وقال أبو دؤاد الْإِيَادِيُّ
(سَلَّتِ الْمَوْتَ وَالْمَنُونَ عَلَيْهِمُ ... فَلَهُمْ فِي صداء الْمَقَابِرِ هَامُ) فَأَكْذَبَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا عَدْوَى وَلَا هَامَ وَنَهَى عَنِ اعْتِقَادِ ذَلِكَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا صَفَرَ فقال بن وَهْبٍ هُوَ مِنَ الصَّفَارِ يَكُونُ بِالْإِنْسَانِ حَتَّى يَقْتُلَهُ فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْتُلُ الصَّفَارُ أَحَدًا
وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ شَهْرُ صَفَرَ كَانُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا
وذكر بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ الْهَامُ الطَّيْرُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْهَامَةُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ
وَأَمَّا الْمُمْرِضُ فَالَّذِي إِبِلُهُ مِرَاضٌ وَالْمُصِحُّ الَّذِي إِبِلُهُ صِحَاحٌ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ أَذًى فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ معنى الأذى عندي المأثم
وروى بن وهب عن بن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ يُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ
الْمَرِيضُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ بِهِ إِلَّا قَوْلُ النَّاسِ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هريرة فنذكره من حديث بن شهاب من بعض طرقه لأنه عند بن
شِهَابٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَعَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِنْدَ مَعْمَرٍ مِنْهَا حَدِيثَانِ وليس عند
مالك عن بن شِهَابٍ مِنْهَا شَيْءٌ
رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ معمر وروى بن وهب عن يونس كلاهما عن بن شِهَابٍ عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا
هَامَةَ وَلَا صَفَرَ
فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْإِبِلَ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيَرِدُ عَلَيْهَا
الْبَعِيرُ الْجَرِبُ فَتَجْرَبُ كُلُّهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ أَعْدَى الأول
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 424
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ داود
قال حدثني سحنون قال حدثني بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ بن شِهَابٍ
أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى ثُمَّ حَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُورِدُ
مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ الْحَدِيثَيْنِ كِلَيْهِمَا ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ لَا
عَدْوَى فَأَقَامَ عَلَى أَنْ لَا يُورِدَ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ قَالَ فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ
وَهُوَ بن عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنَا حَدِيثًا آخَرَ قَدْ سَكَتَّ
عَنْهُ كُنْتَ تَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى فَأَبَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ
يُحَدِّثَ بِذَلِكَ وَقَالَ لَا يُورَدُ ممرض على مصح فما رآه الْحَارِثُ فِي ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ
أَبُو هُرَيْرَةَ وَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ ثُمَّ قَالَ لِلْحَارِثِ أَتَدْرِي مَا قُلْتُ قَالَ لَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ
إِنِّي أَقُولُ أَبَيْتُ أَبَيْتُ
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوْ نُسِخَ أَحَدُ القولين
ورواه اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ سَوَاءً إِلَى آخره
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 425