مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ علمائهم أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَاسْتَأْذَنَ ثَلَاثًا ثُمَّ رَجَعَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي أَثَرِهِ فَقَالَ مَا لَكَ لَمْ تَدْخُلْ فَقَالَ أَبُو (...) |
مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ علمائهم
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 476 أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَاسْتَأْذَنَ ثَلَاثًا ثُمَّ رَجَعَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي أَثَرِهِ فَقَالَ مَا لَكَ لَمْ تَدْخُلْ فَقَالَ أَبُو مُوسَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ فَادْخُلْ وَإِلَّا فَارْجِعْ فَقَالَ عُمَرُ وَمَنْ يَعْلَمُ هَذَا لَئِنْ لَمْ تَأْتِنِي بِمَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ كَذَا وَكَذَا فَخَرَجَ أَبُو مُوسَى حَتَّى جَاءَ مَجْلِسًا فِي الْمَسْجِدِ يُقَالُ لَهُ مَجْلِسُ الْأَنْصَارِ فَقَالَ إِنِّي أَخْبَرْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ فَادْخُلْ وَإِلَّا فَارْجِعْ فَقَالَ لَئِنْ لَمْ تَأْتِنِي بِمَنْ يَعْلَمُ هَذَا لَأَفْعَلَنَّ بِكَ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كَانَ سَمِعَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْكُمْ فَلْيَقُمْ مَعِي فَقَالُوا لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قُمْ مَعَهُ وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ أَصْغَرَهُمْ فَقَامَ مَعَهُ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي مُوسَى أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمْكَ وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَمِنْ أَسَانِيدِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنْ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ كُنَّا فِي مَجْلِسِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَأَتَى أَبُو مُوسَى مُغْضَبًا حَتَّى وَقَفَ فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلَّا فَارْجِعْ قَالَ أُبَيٌّ وَمَا ذَاكَ قَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ أَمْسُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ ثُمَّ جِئْتُ الْيَوْمَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي جِئْتُهُ أَمْسِ فَسلَّمْتُ ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَقَالَ قَدْ سَمِعْنَاكَ وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ عَلَى شُغُلٍ فَلَوِ اسْتَأْذَنْتَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكَ قال استأذنتك كَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَاللَّهُ لَأُوجِعَنَّ ظَهْرَكَ وَبَطْنَكَ أَوْ لتأتيني بمن يشهد لَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ أُبَيٌّ وَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَحْدَثُنَا سِنًّا الَّذِي بِجَنْبِكَ قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول هذا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 477 قال بن وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ لَا أُحِبُّ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ عَلَيْهَا إِلَّا مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَزِيدَ إِذَا اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ الِاسْتِئْنَاسُ فِيمَا نَرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - الِاسْتِئْذَانُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا) النُّورِ 27 وَقَدْ قُرِئَتْ حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كما كان أبي يقرؤها وبن مَسْعُودٍ يَقْرَآنِهَا حَتَّى تُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا وَتَسْتَأْذِنُوا قال عكرمة تعلمها بن عَبَّاسٍ مِنْ أُبَيٍّ وَكَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ وَقَالَ هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ هِيَ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ وَرَوَى شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَوْهَمَ الْكَاتِبُ إِنَّمَا هِيَ حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ فَاسْتَأْذَنَ ثَلَاثًا قَالَ يَسْتَأْذِنُ أَبُو مُوسَى يَسْتَأْذِنُ الْأَشْعَرِيُّ يَسْتَأْذِنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ مَا رَدَّكَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا فَلْيَرْجِعْ فَقَالَ ائْتِنِي بِبَيِّنَةٍ عَلَى هَذَا فَقَالَ هَذَا أُبَيٌّ فَانْطَلَقْنَا إِلَى عُمَرَ فَقَالَ نَعَمْ يَا عُمَرُ لَا تَكُنْ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمَرُ لَا أَكُونُ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ الِاسْتِئْنَاسِ هَذَا مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ فِي التَّمْهِيدِ وَفِي أَلْفَاظِهِ اخْتِلَافٌ مُتَبَايِنٌ لَكِنَّ الْمَعْنَى الْمُبْتَغَى فِيهَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِئْذَانَ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا فَلْيَرْجِعْ مَعْنَاهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يستأذن أكثر من ثلاث وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ الِاسْتِئْذَانَ ثَلَاثٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (يأيها الذين ءامنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمنكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلث مرت) النور الجزء: 8 ¦ الصفحة: 478 قَالَ يُرِيدُ ثَلَاثَ دُفْعَاتٍ قَالَ فَوَرَدَ الْقُرْآنُ فِي الْمَمَالِيكِ وَالصِّبْيَانِ وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَنِ الْعُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الَّتِي نَزَعَ بِهَا وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل في هذه الآية (ثلث مرت) أَيْ فِي ثَلَاثِ أَوْقَاتٍ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ مَسَاقُ الْآيَةِ وَتَمَامُهَا فِيهَا (مِنْ قبل صلوة الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بعد صلوة العشاء ثلث عورت لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طوفون عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ) النُّورِ 58 وَلِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي مَعْنَى الْعَوْرَاتِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ فِي قِصَّةِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مَعَ عُمَرَ فِي الِاسْتِئْذَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْبَلُ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ حَتَّى يَقَعَ إِلَيْهِ مَا يَنْضَمُّ إِلَيْهِ الْعِلْمُ الظَّاهِرُ بِهِ كَالشَّاهِدَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ كَمَا زَعَمُوا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ عَنْ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ قَبُولُهُ لِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ وَمُحَالٌ أَنْ يَقْبَلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ وَهُوَ يَدِينُ بِرَدِّهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَبِلَ خَبَرَ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ وَحْدَهُ فِي مَا جَهِلَهُ مِنْ مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ الدِّيَةَ إِلَّا مَنْ يَقُومُ بِهَا مِنَ الْعَاقِلَةِ حَتَّى أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَقَبِلَ أَيْضًا خَبَرَ حَمْلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيِّ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّ فِي الْجَنِينِ غُرَّةً عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً وَقَدْ كَانَ أُشْكِلَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي الْجَنِينِ حَتَّى أَخْبَرَهُ حَمْلُ بْنُ مَالِكٍ بِذَلِكَ وَكَانَتْ قِصَّتُهُ نَزَلَتْ بِهِ فِي امْرَأَتَيْهِ وَقَبِلَ خَبَرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي الْجِزْيَةِ وَفِي الطَّاعُونِ وَلَا يَشُكُّ ذُو لُبٍّ أَنَّ أَبَا مُوسَى عِنْدَ عُمَرَ أَشْهَرُ وَأَوْلَى بِالْعَدَالَةِ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ الْهُذَلِيِّ الْمَذْكُورِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ فِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي قَائِلٌ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا فَمَنْ وَعَاهَا وَحَفِظَهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا فَكَيْفَ يَأْمُرُ مَنْ سَمْعِ قَوْلَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ وَيَنْهَى عَنِ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نصر اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 479 فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَنَدَبَ السَّامِعَ لِحَدِيثِهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ كَمَا سَمِعَهُ وَدَعَا لَهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَلَا وَجْهَ لِلتَّبْلِيغِ إِلَّا الْقَبُولُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلتَّبْلِيغِ فَائِدَةٌ وَحَسْبُكَ بِهِ فَضِيلَةً وَلَا يَظُنُّ بِعُمَرَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ إِلَّا مَنْ قَلَّ نَظَرُهُ وَفَهْمُهُ وَغَلَبَ عَلَيْهِ الْجَهْلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ رَبِيعَةَ لِأَبِي مُوسَى أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمْكَ وَلَكِنَّنِي خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى وَسَائِرَ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِذَا كَانَ عُمَرُ مَعَ لُزُومِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطُولِ مُجَالَسَتِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ مَعَهُ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا مِنْ حَدِيثِ الِاسْتِئْذَانِ وَدِيَةِ الْجَنِينِ وَمِيرَاثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنَ السُّنَنِ فَهَذَا لَا يَخْفَى عَلَى إِمَامٍ وَمُعَلِّمٍ هَذَا لَا يَقُولُهُ إِلَّا مَنْ لَا تَحْصِيلَ لَهُ وَلَا يَشْتَغِلُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يُحِيطُ بجميعه أحد ولا عيب على من فَاتَهُ الْأَقَلُّ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ الْأَكْثَرُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ |