مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ (...) |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ إِذَا كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَلَا يُؤْكَلْ حَتَّى يُذْبَحَ أَوْ يُنْحَرَ وَإِنْ كَانَ صَيْدًا مُمْتَنِعًا حَلَّ بِالتَّسْمِيَةِ رميه وقتله كيف أمكن مادام مُمْتَنِعًا أَلَا تَرَى إِلَى مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمَّا ظَهَرَ فِي الْمَدِينَةِ اللَّعِبُ بِالْحَمَامِ وَالْمُهَارَشَةُ بَيْنَ الْكِلَابِ أَنَّهُمَا كَانَا يَأْمُرَانِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَذَبْحِ الْحَمَامِ فَفُرِّقَ بَيْنَ مَا يُؤْكَلُ وَبَيْنَ مَا لَا يُؤْكَلُ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ اقْتُلُوا الْكِلَابَ وَاذْبَحُوا الحمام الجزء: 8 ¦ الصفحة: 495 وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي قَتْلِ الْكِلَابِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ كُلِّهَا إِلَّا مَا وَرَدَ الْحَدِيثُ فِي إِبَاحَةِ اتِّخَاذِهِ مِنْهَا لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلِلزَّرْعِ أيضا ومن حجتهم حديث بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَافِعًا صَوْتَهُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَكَانَتِ الْكِلَابُ تُقْتَلُ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَأَرْسَلَ فِي أَقْطَارِ الْمَدِينَةِ لِتُقْتَلَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَدْخُلُ بِالْكَلْبِ فَمَا تَخْرُجُ حَتَّى يُقْتَلَ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الْتَّيَّاحِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَرَخَّصَ في كلب الزرع والصيد وجاء الْأَمْرُ بِقَتْلِهَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أن بن عُمَرَ دَخَلَ أَرْضًا لَهُ فَرَأَى كَلْبًا فَهَمَّ أَنْ يَقَعَ بِقَيَّمِ أَرْضِهِ فَقَالَ إِنَّهُ كَلْبٌ عَابِرٌ دَخَلَ الْآنَ قَالَ فَأَخَذَ الْمِسْحَاةَ وَقَالَ حَرِّشُوهُ عَلَيَّ فَقَتَلَهُ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ إِلَّا فِي الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ فَإِنَّهُ يُقْتُلُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو شِهَابٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا فَاقْتُلُوا مِنْهَا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ قَالَ فَدَخَلَ مَا عَدَا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ فِي أَنْ لا يقتل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 496 وَقَالَ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ مِنَ الْكِلَابِ أَكْثَرُ أَذًى وَأَبْعَدُهَا مِنْ تَعَلُّمِ مَا يَنْفَعُ وَرَوَوْا أَنَّ الْكَلْبَ الْبَهِيمَ الْأَسْوَدَ شَيْطَانٌ أَيْ بَعِيدٌ مِنَ الْخَيْرِ وَالْمَنَافِعِ قَرِيبٌ مِنَ الضُّرِّ وَالْأَذَى وَهَذَا شَأْنُ الشَّيَاطِينِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ صَيْدَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ إِنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَبَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ أَيْضًا وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ عَنْ أَبِي رجاء العطاردي قال سمعت بن عَبَّاسٍ يَقُولُ السُّودُ مِنَ الْكِلَابِ الْجِنُّ وَالْبُقْعُ الْحِنُّ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ فِي الْجِنِّ وَالْحِنِّ قَالَ الشَّاعِرُ (إِنْ تَكْتُبُوا الزَّمْنَى فَإِنِّي لَزَمِنٌ ... فِي ظَاهِرِي دَاءٌ وَدَائِي مَسَّتَكِنُّ) (أَبَيْتُ أَهْوَى فِي شَيَاطِينَ تَرِنُّ ... مُخْتَلِفَ نِجَارُهُمْ جِنٌّ وَحِنُّ) وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْحِنُّ حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ مِنْهُمُ الْكِلَابُ الْبُهْمُ يُقَالُ مِنْهُ كَلْبٌ جِنِّيٌّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ مِنَ الْكِلَابِ أَسْوَدُ وَلَا غَيْرُ أَسْوَدَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَقُورًا مُؤْذِيًا وَقَالُوا الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا فَدَخَلَ فِي نَهْيِهِ ذَلِكَ الْكِلَابُ وَغَيْرُهَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَذَكَرَ مِنْهَا الْكَلْبَ الْعَقُورَ فَخَصَّ الْعَقُورَ دُونَ غَيْرِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 497 فقد قيل إن الكلب العقور ها هنا الْأَسَدُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ عَقَارِهِ سِبَاعُ الْوَحْشِ واحتجوا بالحديث الصحيح في الكلب الذي كان يَلْهَثُ عَطَشًا فَسَقَاهُ الرَّجُلُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ العطش فنزعت له بموقها فَغُفِرَ لَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَيْسَ هَذِهِ حَالَ مَنْ يَجِبُ قَتْلُهُ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِقَتْلِهِ مَأْجُورٌ قَاتِلُهُ وَمَأْجُورٌ الْمُعِينُ عَلَى قَتْلِهِ وَإِذَا كَانَ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْكَلْبِ أَجْرٌ فَفِي الإساءة إليه وزر والإساءة إليه أعظم من قَتْلِهِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ شَيْطَانٌ مَا يَدُلُّ عَلَى قَتْلِهِ لِأَنَّ شَيَاطِينَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِمْ وَقَدْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَتْبَعُ حَمَامَةً فَقَالَ شَيْطَانٌ يَتْبَعٌ شَيْطَانَةً وَقَالُوا إِنَّ قَتْلَ الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ بِسُورَةِ الْمَائِدَةِ وَقَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) الْمَائِدَةِ 4 وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِالْبَيْنِ لِأَنَّ كَلْبَ الصَّيْدِ لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ بَلْ أُبِيحَ لَنَا بِالنَّصِّ اتِّخَاذُهُ وَمَا أُبِيحَ لَنَا اتِّخَاذُهُ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا |