مالك عن نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيَنْتَقِلُ طَعَامُهُ وَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطَعِمَاتِهِمْ فَلَا (...) |
مالك عن نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا
يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيَنْتَقِلُ طَعَامُهُ وَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطَعِمَاتِهِمْ فَلَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَقْضِي بِأَنَّ اللَّبَنَ يُسَمَّى طَعَامًا وَكُلُّ مَطْعُومٍ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ طَعَامُ وَاللَّبَنُ طَعَامٌ يُغْنِي عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَلَيْسَ شَيْءٌ سِوَاهُ يُغْنِي فِي ذَلِكَ سِوَاهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 501 وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَأْكُلُهُ الْإِنْسَانُ مِنَ الثِّمَارِ الْمُعَلَّقَةِ فِي الْأَشْجَارِ لِلْمُسَافِرِ وَسَائِرِ الْمَارِّينَ مِنْ مَالِ الصَّدِيقِ وَغَيْرِهِ وَأَكْثَرُهُمْ يُجِيزُ أَكْلَ مَالِ الصَّدِيقِ إِذَا كَانَ تَافِهًا لَا يُتَشَاحُّ فِي مَثْلِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَجِبُ فِعْلُهُ وَاللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ يُشْبِهُ الطَّعَامَ الْمَخْزُونَ تَحْتَ الْأَقْفَالِ فَقَدْ شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ فَتُكْسَرُ خِزَانَتُهُ وَمَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَسْرُ قُفْلِ مُسْلِمٍ وَلَا ذِمِّيٍّ لِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ الثَّمَرُ الْمُعَلَّقُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ كَذَلِكَ وَالْآثَارُ كَثِيرَةٌ حِسَانٌ مَذْكُورَةٌ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ اللَّيْثِ بْنِ سعد عن بن عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ مَنْ أصاب منه ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمِنْ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَأَكَلَ مِنْهُ فَلَا يَتَّخِذْ خُبْنَةً وَرَوَى قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُهَا فَلْيَسْتَأْذِنْهُ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَلْيُصَوِّتْ ثَلَاثَةً فَإِنْ أَجَابَهُ أَحَدٌ فَلْيَسْتَأْذِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِلْ وَهَذِهِ الْآثَارُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ فِي مَنِ احْتَاجَ وَجَاعَ أَوْ فِي مَالِ الصَّدِيقِ إِذَا كَانَ تَافِهًا لَا يُتَشَاحُّ وذكر بن الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي زَيْنَبَ قَالَ صَحِبْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا بَرْزَةَ فِي سَفَرٍ فَكَانُوا يُصِيبُونَ مِنَ الثَّمَرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 502 وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّسْتُرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ يَأْكُلُ وَلَا يُفْسِدُ وَلَا يَحْمِلُ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وغيرهم وأما مالك - رحمه الله - فذكر بن وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْحَائِطَ فَيَجِدُ الثَّمَرَ سَاقِطًا قَالَ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَهُ طَيِّبُ النَّفْسِ بِهِ أَوْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَلَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمُسَافِرِ يَنْزِلُ بِالذِّمِّيِّ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَعَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ فَقِيلَ لِمَالِكٍ أَرَأَيْتَ الضِّيَافَةَ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَالَ كَانَ يَوْمَئِذٍ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ وَذَكَرَ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ سَمِعْتُ أَشْهَبَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ خَرَجْنَا مُرَابِطِينَ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَمَرَرْنَا بِجِنَانِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فَدَخَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنَ الثَّمَرِ فَلَمَّا أَنْ رَجَعْتُ دعتني نفسي إلى أَنْ أَسْتَحِلَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّيْثِ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا أَبَا الْحَارِثِ إِنَّا خَرَجْنَا مُرَابِطِينَ وَمَرَرْنَا بِجِنَانِكَ فَأَكَلْنَا مِنَ الثَّمَرِ وَأَحْبَبْنَا أَنْ تجعلنا في حل فقال الليث يا بن أَخِي لَقَدْ نَسْكْتَ نُسُكًا أَعْجَمِيًّا أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا) النُّورِ 61 فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ أَخِيهِ الشَّيْءَ التَّافِهَ الَّذِي يَسُرُّهُ بِذَلِكَ وَأَكْثَرُ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ ثَمَرًا مُعَلَّقًا غَيْرَ الْمُدَّخَرَاتِ وَمِنَ الْمُدَّخَرَاتِ مَا لَا يُتَشَاحُّ فِي مِثْلِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حدثي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ شُرَحْبِيلَ رَجُلٌ مِنَّا مَنْ بَنِي غُبَرَ قَالَ أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا فَأَخَذْتُ سُنْبُلًا فَفَرَكْتُهُ وَأَكَلْتُ مِنْهُ وَحَمَلْتُ فِي ثَوْبِي فَجَاءَنِي صَاحِبُ الْحَائِطِ فَضَرَبَنِي وَأَخَذَ ثَوْبِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلًا وَلَا أَطْعَمْتَهُ إِذَا كَانَ جَائِعًا قَالَ فَرَدَّ عَلَيَّ الثَّوْبَ وَأَمَرَ لِي بِوَسْقٍ أَوْ نِصْفِ وَسْقٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ضَرْبُهُ لَهُ لِأَنَّهُ أَخَذَ فَوْقَ مَا سَدَّ جُوعَهُ وَمَا حَمَلَ فِي غير بطنه الجزء: 8 ¦ الصفحة: 503 |