مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خراجه
هذا حديث لَا خِلَافَ فِي (...)
 
مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خراجه
هذا حديث لَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ وَقَدْ أَفْصَحَ بِأَنَّ أُجْرَةَ الْحَجَّامِ تَطِيبُ لَهُ عَلَى عِلْمِهِ
لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعطي أحدا إلا ما يحل كسبه ويطيب أَكْلُهُ
سَوَاءٌ كَانَ عِوَضًا مِنْ عِلْمِهِ أَوْ غَيْرَ عِوَضٍ وَلَا يَجُوزُ فِي أَخْلَاقِهِ وَسُنَّتِهِ وشريعته
أن يعطي عوضا على شَيْءٍ مِنَ الْبَاطِلِ
وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّنَّةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
احْفُوَا الشَّارِبَ وَأَعْفُوَا اللِّحَى
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَسْبَ الْحَجَّامِ طَيِّبٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَأَنَّ حَدِيثَ أبي
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 515
جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ لَيْسَ مِنْ كَسْبِ
الْحَجَّامِ فِي شَيْءٍ وَأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِكَرَاهَةِ أَبِي جُحَيْفَةَ لِكَسْبِ الْحَجَّامِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ
وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ
رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اشْتَرَى غُلَامًا حَجَّامًا فَكَسَرَ
محاجمه أو أمر بها فكسرت قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ
الدَّمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ نَهْيُهُ عِنْدَنَا عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ كَنَهْيِهِ عَنِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَثَمَنِ الْمَيْتَةِ وَثَمَنِ
الْكَلْبِ وَلَيْسَ مِنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ فِي شَيْءٍ بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ
وَقَدْ رَوَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كَسْبُ الْحَجَّامِ
خَبِيثٌ وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ
وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي التَّمْهِيدِ وَهُوَ إِسْنَادٌ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّهُ لا يخلو من أن يكون على
سبيل التنزه وذلك - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِمَا فِيهِ مِنْ جَهْلِ الْعِوَضِ لِأَنَّهَا صِنَاعَةٌ كَانَتْ
عِنْدَهُمْ دَنَاءَةً حَتَّى قَالُوا النَّاسُ كُلُّهُمْ أَكْفَاءٌ إِلَّا حَائِكٌ وَحَجَّامٌ
وَلَمْ يكن في الْعَرَبُ مَنْ يَتَّخِذُهَا صِنَاعَةَ مَكْسَبٍ وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
كَإِمَاطَةِ الْأَذَى وَأَخْذِ القمل من الرؤوس وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ مَنْسُوخًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَةً عَلَى حِجَامَتِهِ إِيَّاهُ
وَفِقْهُ هَذَا الْبَابِ ما قاله بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَى ذَلِكَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ
عِكْرِمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ
وَفِي حَدِيثِ عكرمة قال بن عَبَّاسٍ وَلَوْ عَلِمَهُ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ
وَفِي حديث بن سيرين قال بن عَبَّاسٍ وَلَوْ كَانَ بِهِ بَأْسٌ لَمْ يُعْطِهِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْ خَالِدٍ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي التَّمْهِيدِ