مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّيْطَانُ يَهُمُّ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فَإِذَا كَانُوا ثلاثة لم يَهُمُّ بِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ (...) |
مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 529 يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّيْطَانُ يَهُمُّ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فَإِذَا كَانُوا ثلاثة لم يَهُمُّ بِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْعَلُ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ فِي هَذَا الْبَابِ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ - وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ - لَا يَهُمُّ بِهِمُ الشَّيْطَانُ وَيَبْعُدْ عَنْهُمْ - وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْوَاحِدُ شَيْطَانًا وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ هُوَ الْبَعِيدُ مِنَ الْخَيْرِ مِنْ قَوْلِهِمْ نَوَى شَطُونٌ أَيْ بَائِنَةٌ بَعِيدَةٌ فَالْمُسَافِرُ وَحْدَهُ يَبْعُدُ عَنْ خَيْرِ الرَّفِيقِ وَعَوْنِهِ وَالْأُنْسِ بِهِ وَتَمْرِيضِهِ وَدَفْعِ وَسْوَسَةِ النَّفْسِ بِحَدِيثِهِ وَلَا يُؤْمَنُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَحْدَهُ أَنْ يضطر إلى المشي بالليل فتعرضه الشَّيَاطِينُ الْمَرَدَةُ هَازِلِينَ وَمُتَلَاعِبِينَ وَمُفْزِعِينَ وَقَدْ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسَافِرِينَ إِذَا سَافَرُوا مُنْفَرِدِينَ وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ لِأَنَّهُ إِذَا مَرَّ أَحَدُهُمَا فِي حَاجَتِهِمَا بَقِيَ الْآخَرُ وَحْدَهُ فَإِنْ شَرَدَتْ دَابَّتُهُ أَوْ نَفَرَتْ أَوْ عَرْضَ لَهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ حَالِهِ شَيْءٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِينُهُ ولا من يكفيه ولا من يخبر بِمَا يَطْرُقُهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ سَافَرَ وَحْدَهُ وَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً ارْتَفَعَتِ الْعِلَّةُ الْمُخُوفَةُ فِي الْأَغْلَبِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ الْوَاحِدُ مَرَّةً فِي الْحَاجَةِ وَيَبْقَى الِاثْنَانِ ثُمَّ يَخْرُجُ الْآخَرُ مَرَّةً أُخْرَى وَيَبْقَى الِاثْنَانِ يَكُونُ هَذَا دَأْبًا فِي الْأَغْلَبِ فِي أُمُورِهِمْ وَإِنْ خَرَجَ الِاثْنَانِ لَمْ يَطُلْ مُكْثُ الْوَاحِدِ وَحْدَهُ هَذَا وَنَحْوُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُهُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَهُمُّ بِالْوَاحِدِ وَبِالِاثْنَيْنِ فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً لَمْ يَهُمَّ بِهِمْ فَوَصَلَهُ وَأَسْنَدَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ وُجُوهٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من أَرَادَ بَحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ اخْتِلَافًا كثيرا قال أبو عمر أبعد ها هنا بِمَعْنَى بَعِيدٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 530 وقد ذكرنا هناك حديث بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ أَبَدًا وَقَدْ عَرَضَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قِصَّةٌ شَنْعَاءُ فِي سَفَرٍ سَافَرَهُ وَحْدَهُ فَرَأَى رَجُلًا خَارِجًا مَنْ قَبْرٍ يَتَأَجَّجُ نَارًا فِي عُنُقِهِ سلسلة يناديه يا عبد الله اسقني ماءا إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ بِإِثْرِهِ مِنَ الْقَبْرِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تُسْقِهِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ ثُمَّ جَبَذَهُ بِالسِّلْسِلَةِ فَأَدْخَلَهُ الْقَبْرَ ثُمَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسِلْمِ أَنْ يُسَافِرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ وَتَمَامِهِ فِي التَّمْهِيدِ |