مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَأَنْ (...) |
مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمَرَكُمْ وَيَسْخَطُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلًا وَتَابَعَهُ القعنبي وبن وهب وبن الْقَاسِمِ وَمَعْنُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصوري ورواه بن بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَمُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بن يوسف التنيسي وبن عُفَيْرٍ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا وَعِنْدَ مَالِكٍ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ غَرِيبٌ قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِالْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْحَضُّ عَلَى الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى حَبْلٍ فَقِيلَ الْقُرْآنُ وَقِيلَ الْجَمَاعَةُ وَالْخِلَافَةُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مُتَدَاخِلٌ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَأْمُرُنَا بِالِائْتِلَافِ وَيَنْهَى عَنِ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ بن مَسْعُودٍ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا رَوَى مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وائل عن بن مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا) آلِ عِمْرَانَ 103 قَالَ حَبْلُ اللَّهِ هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ كِتَابُ اللَّهِ وَرَوَى أَبُو حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قُطْبَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي خُطْبَتِهِ أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا حَبْلُ اللَّهِ الذي أمر وأن تكرهون في الجماعة خير مما يحبون في الفرقة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 577 قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا التَّأْوِيلُ أَظْهَرُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ بن الْمُبَارَكِ - رَحِمَهُ اللَّهُ (إِنَّ الْجَمَاعَةَ حَبْلُ اللَّهِ فَاعْتَصِمُوا ... مِنْهُ بِعُرْوَتِهِ الْوُثْقَى لِمَنْ دَانَا) (لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَمْ تُؤَمَنْ لَنَا سُبُلٌ ... وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْبًا لِأَقْوَانَا) فِي أَبْيَاتٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ وَقَدْ رَوَى هَذَا اللَّفْظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحَادِيثَهُمْ مَنْ طُرُقٍ فِي كِتَابِ بَيَانِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ وَفِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ أَيْضًا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَيْ لَا يَكُونُ الْقَلْبُ الْمُعْتَقِدُ لَهُنَّ غَلِيلًا وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ عَجِيبٌ بِمَعْنَى حَدِيثِ سُهَيْلٍ رَوَاهُ الْحَارِثُ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرْتُهُ بِطُولِهِ فِي التمهيد وروى بن عَبَّاسٍ وَأَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ وَمِنْ حَدِيثِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ وَمَاتَ وَلَا طَاعَةَ عَلَيْهِ كَانَتْ مِيتَتُهُ ضَلَالَةً وَلَا حُجَّةَ لَهُ وَمِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ جِدًّا وَقَدْ ذَكَرْتُ كَثِيرًا مِنْهَا فِي التَّمْهِيدِ وَتَكَلَّمْتُ بِمَا أَحْضَرَنِي في معانيها الجزء: 8 ¦ الصفحة: 578 وَأَمَّا مُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِهَا إِذَا كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُهَا وَيَقْبَلُهَا وَلَمَّا رَأَى الْعُلَمَاءُ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ نَصِيحًا وَلَا يُرِيدُونَ مِنْ جُلَسَائِهِمْ إِلَّا مَا وَافَقَ هَوَاهُمْ زَادَ الْبُعْدُ عَنْهُمْ وَالْفِرَارُ مِنْهُمْ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ إِذَا كَانَ وَالِي الْقَوْمِ خَيْرًا مِنْهُمْ لَمْ يَزَالُوا فِي عُلْيَا وَإِذَا كَانَ وَالِيهِمْ شَرًّا مِنْهُمْ لَمْ يَزْدَادُوا إِلَّا سفالا حدثنا بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَوْنَنَا عَنْ سَبِّ الْأُمَرَاءِ وَبِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ مَا سَبَّ قَوْمٌ أَمِيرَهُمْ إِلَّا حُرِمُوا خَيْرَهُمْ وَقَدْ أَشْبَعْنَا مَعْنَى الطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ لِلْوُلَاةِ وَكَيْفَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَمَا يَجِبُ لِلْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ لَهُمْ بِالْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَأَقَاوِيلِ السَّلَفِ فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ فَالْمَعْنَى فِي قِيلَ وَقَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ - الْخَوْضُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ الَّتِي لَا فَائِدَةَ فِيهَا وَإِنَّمَا جُلُّهَا الْغَلَطُ وَحَشْوٌ وَغِيبَةٌ وَمَا لَا يُكْتَبُ فِيهِ حَسَنَةٌ وَلَا سَلِمَ الْقَائِلُ وَالْمُسْتَمِعُ فِيهِ مِنْ سَيِّئِهِ قَالَ الشَّاعِرُ (وَمَنْ لَا يَمْلِكُ الشَّفَتَيْنِ يُسْحَقْ ... بِسُوءِ اللَّفْظِ مِنْ قِيلٍ وَقَالَ) وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ (عَلَيْكَ مَا يَعْنِيكَ مَنْ كُلِّ مَا تَرَى ... وَبِالصَّمْتِ إِلَّا عَنْ جَمِيلٍ تَقُولُهُ) (تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا بِزَادٍ مَنِ التُّقَى ... فَكُلٌّ بِهَا ضَيْفٌ وَشِيكٌ رَحِيلُهُ) وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِضَاعَةُ المال فللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال أحدهما أَنَّ الْمَالَ أُرِيدَ بِهِ مِلْكُ الْيَمِينِ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَالدَّوَابِّ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ الَّذِي فِي ملكه أن يحسن إليه ولا يضيعهم فيضيعون وَهُوَ قَوْلُ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ عَامَّةَ وَصِيَّةِ رَسُولِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 579 اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ كَانَتْ قَوْلَهُ اللَّهَ اللَّهَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِضَاعَةُ الْمَالِ تَرْكُ إِصْلَاحِهِ وَالنَّظَرِ فِيهِ وَتَنْمِيَتِهِ وَكَسْبِهِ وَاحْتَجَّ من قال بهذا القول - فيس بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ لِبَنِيهِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ يَا بَنِيَّ عَلَيْكُمْ بِكَسْبِ الْمَالِ وَاصْطِنَاعِهِ فَإِنَّ فِيهِ مَنْبَهَةٌ لِلْكَرِيمِ وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ ويقول عمرو بن العاصي فِي خُطْبَتِهِ حَيْثُ قَالَ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ إِيَّاكُمْ وَخِلَالًا أَرْبَعَةً تَدْعُو إِلَى النَّصَبِ بَعْدَ الرَّاحَةِ وَإِلَى الضِّيقِ بَعْدَ السِّعَةِ وَإِلَى الْمَذَلَّةِ بَعْدَ الْعِزِّ إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْعِيَالِ وَإِخْفَاضَ الْحَالِ وَالتَّضْيِيعَ لِلْمَالِ وَالْقِيلَ وَالْقَالَ فِي غَيْرِ دَرْكٍ ولا نوال والقول الثَّالِثُ إِضَاعَةُ الْمَالِ إِنْفَاقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْإِسْرَافِ وَالْمَعَاصِي وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عند ذوي الدين والألباب روى بن وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ قَالَ سَأَلْتُ عُمَرَ مَوْلَى عَفْرَةَ عَنِ الْإِسْرَافِ مَا هُوَ فَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ أَنْفَقْتَهُ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ وَفِي غَيْرِ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِسْرَافٌ وَإِضَاعَةٌ لِلْمَالِ وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ فَقَالَ أَنْ يَرْزُقَكَ اللَّهُ رِزْقًا فَتُنْفِقَهُ فِي مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَهَكَذَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا كَثْرَةُ السُّؤَالِ عَنِ الْمَسَائِلِ النَّوَازِلِ الْمُعْضِلَاتِ فِي مَعَانِي الدِّيَانَاتِ وَالْآخَرُ كَثْرَةُ السُّؤَالِ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْمَالِ وَالْكَسْبِ بِالسُّؤَالِ وَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ بِالْآثَارِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَسَيَأْتِي مَعْنَى السُّؤَالِ لِلْمَالِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ بَعْدُ إِنْ شَاءَ الله تعالى وقد روى بن وهب وبن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ أَمَّا نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ فَلَا أَدْرِي أَهُوَ الَّذِي أَنْهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ فَقَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثْرَةَ الْمَسَائِلِ وَعَابَهَا أَمْ هُوَ مَسْأَلَتُكَ النَّاسَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ يَكْرَهُونَ السُّؤَالَ فِي الْعِلْمِ عَنْ مَا لَمْ ينزل ويقولون إن النازلة إذا نزلت المسؤول عنها الجزء: 8 ¦ الصفحة: 580 وَكَانُوا يَجْعَلُونَ الْكَلَامَ فِي مَا لَمْ يَنْزِلْ تكلفا ويتلو بعضهم (قل مآ أسئلكم عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) صَ 86 حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ أَدْرَكْتُ أَهْلَ هَذَا الْبَلَدِ وَمَا عِنْدَهُمْ عِلْمٌ غَيْرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَةِ فَإِذَا نَزَلَتْ نَازِلَةٌ جَمَعَ لَهَا الْأَمِيرُ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ أَنْفَذَهُ وَأَنْتُمْ تُكْثِرُونَ مِنَ الْمَسَائِلِ وَقَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ نَزَلَ النَّوَازِلَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَجَابَ فِيهَا كَأَبِي حَنِيفَةَ وَرَبِيعَةَ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ مِمَّنِ اسْتَعْمَلَ الرَّأْيَ قَالُوا رَأْيُنَا لِمَنْ بَعْدَنَا خَيْرٌ مِنْ رَأْيِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَمَّا صِعَابُ الْمَسَائِلِ وَمَا عَسَى أَلَّا يَنْزِلَ فَهُوَ بَابٌ إِلَى النَّظَرِ وَإِلَى التَّكَسُّبِ وَإِلَى التَّحَفُّظِ مِنَ الْخَصْمِ وَمُخَادَعَتِهِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَعْنِي صِعَابَ الْمَسَائِلِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنِي أُسَيْدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ لَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَلْعَنُ مَنْ سَأَلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا بَابٌ قَدْ أَوْضَحْنَاهُ وَبَسَطْنَاهُ بِالْآثَارِ عَنِ السَّلَفِ فِي كِتَابِ بَيَانِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ بِمَا فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاظِرِ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ الثَّانِي فَكَأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى مَعْنَى إِضَاعَةِ الْمَالِ وَهُوَ سُؤَالُ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَالتَّكَسُّبُ بِالْمَسْأَلَةِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي مَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 581 وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ فِي الْمَالِ أَقْرَبُ وَأَشْبَهُ لِمَعْنَى الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْهُمْ مُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ لِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ إِنَّنِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَمَنْعٍ وَهَاتِ وَعُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدِ الْبَنَاتِ |