وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دَنَانِيرَ مَا تَرَكْتُ
بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ
هَكَذَا قَالَ يَحْيَى دَنَانِيرُ (...)
 
وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دَنَانِيرَ مَا تَرَكْتُ
بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ
هَكَذَا قَالَ يَحْيَى دَنَانِيرُ وَغَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ يَقُولُونَ لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَهَذَا
الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ حَدِيثِهِ عن بن شِهَابٍ الْمَذْكُورِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ جَمَاعَةُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ إِلَّا الرَّوَافِضَ وَهُمْ لَا يُعَدُّونَ
خِلَافًا لِشُذُوذِهِمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي
قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَوَرِثَ سليمن دَاوُدَ) النَّمْلِ 16 وَقَوْلُهُ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ
لِأَنَّ سُلَيْمَانَ إِنَّمَا وَرِثَ مِنْ دَاوُدَ النُّبُوَّةَ وَالْعِلْمَ وَالْحِكْمَةَ
كَذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (يرثنى ويرث
من ءال يَعْقُوبَ) إِلَّا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ قَالَ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ النُّبُوَّةَ وَالْحِكْمَةَ
وَكَيْفَ يَسُوغُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنَعَ فَاطِمَةَ مِيرَاثَهَا
مِنْ أَبِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْلُومٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - كَانَ يُعْطِي الْأَحْمَرَ وَالْأَسْوَدَ وَيُسَوِّي بَيْنَ النَّاسِ فِي الْعَطَاءِ وَلَمْ يَسْتَأْثِرْ لِنَفْسِهِ
بِشَيْءٍ وَيَسْتَحِيلُ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَمْنَعَ فَاطِمَةَ وَيَرُدَّهُ عَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ أَمَرَ بَنِيهِ
أَنْ يَرُدُّوا مَا زَادَ فِي مَالِهِ مُنْذُ وَلِيَ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 591
أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ لَنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا لَبِسْنَا عَلَى ظُهُورِنَا
وَمَا أَكَلْنَا مِنْ طَعَامِهِمْ
وَرَوَى أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِعَائِشَةَ لَيْسَ عِنْدَ آلِ أَبِي بَكْرٍ
شَيْءٌ غَيْرُ هَذِهِ اللَّقْحَةِ وَالْغُلَامِ الصَّغِيرِ كَانَ يَعْمَلُ سُيُوفَ الْمُسْلِمِينَ وَيَخْدِمُنَا فَإِذَا مُتُّ
فَادْفَعِيهِ إِلَى عُمَرَ
فَلَمَّا مَاتَ دَفَعَتْهُ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَرَ أَبُو بَكْرٍ مِمَّا يَخْلُفُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي
النَّضِيرِ وَفَدَكَ وَسَهْمِهِ بِخَيْبَرَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَلِيَهُ بِمَا كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَيُنْفِقَ مِنْهُ عَلَى عِيَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأْخُذُ مِنْهُ لَهُمْ كُلَّ عَامٍ قُوتَ الْعَامِ وَيَجْعَلُ مَا فَضَلَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ
كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ
وَفِي هَذِهِ الْوِلَايَةِ تَخَاصَمَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ لِيَلِيَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلِيهَا بِهِ
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي
بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا نُورَثُ وَلَكِنِّي أَعُولُ مَنْ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُولُ وَأُنْفِقَ عَلَى مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ فِي تَرِكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَفِي مَا تَخَاصَمَ فِيهِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَفِي ظواهرهما اخْتِلَافٌ وَتَدَافُعٌ
وَقَدْ ذَكَرْتُهَا عَلَى مَا وَصَلَ إِلَيَّ مِنْهَا فِي التَّمْهِيدِ وَالَّذِي ذَكَرْتُ فِي هذا الكتاب كاف
مقنع والله الموفق للصواب
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 592