الصحابة
 
فأما أَصحاب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين إختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صَلى الله عَليه وسَلم ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلاما وقدوة فحفظوا عنه صَلى الله عَليه وسَلم ما بلغهم عن الله عز وجل وما سن وشرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وحظر وأدب، ووعوه وأتقنوه، ففقهوا في الدين وعلموا أَمر الله ونهيه ومراده، بمعاينة رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم، ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه وإستنباطهم عنه، فشرفهم الله عز وجل بما من عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأُمة فقال عز ذكره في محكم كتابه {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} ففسر النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم عن الله عز ذكره قوله وسطا قال: عدلا.
فكانوا عدول الأُمة وأئمة الهدي وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة.
وندب الله عز وجل إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والإقتداء بهم فقال: {وَمَنْ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبيلِ الْمُؤْمِنين نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} الآية.
(1/7)

ووجدنا النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم قد حض على التبليغ عنه في أخبار كثيرة ووجدناه يخاطب أَصحابه فيها، منها أَن دعا لهم فقال نضر الله إمرءا؟ سمع مقالتي فحفظها ووعاها حتى يبلغها غيره.
وقال صَلى الله عَليه وسَلم في خطبته: فليبلغ الشاهد منكم الغائب، وقال: بلغوا عني ولو آية وحدثوا عني، ولا حرج.
ثم تفرقت الصحابة، رَضي الله عَنهُم في النواحي والأمصار والثغور وفي فتوح البلدان والمغازي والإمارة والقضاء والأَحكام، فبث كل واحد منهم في ناحيته وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفظه عن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وحكموا بحكم الله عز وجل وأمضوا الأمور على ما سن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وأفتوا فيما سئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم عن نظائرها من المسائل وجردوا أنفسهم مع تقدمة حسن النية والقربة إلى الله تقدس إسمه لتعليم الناس الفرائض والأَحكام والسنن والحلال والحرام حتى قبضهم الله عز وجل رضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين.
(1/8)

الموضوع التالي


التابعون