رسالته إلى المهدي في شفاعة لقوم
 
عبد الرَّحمن بن عَمرو الأَوزاعي
رسالته إلى المهدي في شفاعة لقوم
:
أَخبَرنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة قال أَخْبَرني أبي عن الأَوزاعي أَنه كتب إلى المهدي: أما بعد هدى الله الأمير فيما إبتلاه للتي هي أقوم ووقاه تبعته ولقاه حجته فإِن من نعمة الله عليه وحسن بلائه عنده أَن جعله يعرف بالعفو وخفض الجناح وطلب التجاوز عن أَصحاب الجرائم عند خليفتهم وحضور أمور رعيته بما تطلع عليه أنفسها وتنبسط في رجائها فيه قلوبها فبلغ الله الأمير فوائد الزيادة في الخير وحسن المعونة على الشكر، ثم أَنه كان من رأى أمير المؤمنين في تلك العصابة الذين تسللوا من بعثهم ما قد بلغه من البعثة بهم إِليه مشاة على أقدامهم من الشام مقرنين في السلاسل حتى قدموا منذ أعوام ثم وضعوا في ضيق من الحبس وجهد من الضرر، وقد كان من رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في النفر الثلاثة الذين تخلفوا عنه غزوة تبوك أَن أوقف أمرهم ونهى الناس عن كلامهم حتى نزل فيهم حكم الله بالتوبة عليهم والمعاتبة لهم وأن عُمر بن الخطاب أغفل أعقاب بعثه عن إِلاَّ بأن الذي كان يعقبهم فيه فقفلوا بغير إذن فأرسل إِليهم أَن يجتمعوا له في دار فعرفهم ما صنعوا فأشرف عليهم وتواعدهم وعيدا شديدا ثم عفا عنهم والمؤمنين أصلح الله الأمير بعضهم من بعض وولاتهم يقتدي موفق آخرهم بصالح ما مضى عليه أولهم فإِن رأى الأمير أذاقه الله عفوه في الآخرة بحبه التبريد عن رعيته وقصد العقوبة فيهم رجاء أَن يطلب لهم من أمير المؤمنين أصلحه الله عفوه والتجاوز عنهم فعل فإِنه منه بحيث يعرف قوله وعند تدبر الأمور فضله جمع الله للأمير ألف رعيته ورزقهم رحمته والرأفة بهم وجعل ثوابه منهم مغفرته والخلود في رحمته والسلام عليك ورحمة الله:
(1/190)