رسالة الأَوزاعي إلى سليمان بن مُجَالد
 
عبد الرَّحمن بن عَمرو الأَوزاعي
رسالة الأَوزاعي إلى سليمان بن مُجَالد
:
في التعطف بالمكتوب عند الخليفة في إلتماس الفداء لأهل قاليقلا:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، أَخبَرنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة قال أَخْبَرني أبي عن الأَوزاعي أَنه كتب إلى سليمان بن مُجَالد: أما بعد فإِنا وإن لم يكن جمعنا وإياك تلاق، ولا بدء كتاب كنا على تواصل منه لم يبطئ منا عنك ما يجد المسلم من البشر لإخوانه وإن كانت الآفاق بهم مفترقة فإِن الألفة بحمد الله جامعة، ورَوْح الله يجري بين عباده فنسأل الله أَن يجعلك وإيانا من نعمته في ذات بيننا على توفيق يدخلنا به برحمته في عباده الصالحين:
ثم أَنه ينبغي لمن نعشه الله من الجهل وأفضل عليه بمعرفة ما نفع من الأمور وما ضر منها أَن يتوقى إهمال نفسه ورفض السعي بالنصيحة لله عز وجل في عباده:
(1/197)

وإنك من الحق بسبب معرفة به وبنعمة من حجة الله عندك وبمكان ممن إِليه جماع أَمر أمة محمد صَلى الله عَليه وسَلم فلا تدافع ما أَنت مسئول عنه إِن رأَيت أَن دونه قرابة، أَو لطف بطانة إِذا كان بموقع من الحجاب عنه موضوع وممن أَن قال لم يتهم وإن خولف لم يستغش فإِن عذر عليه أَمر في موطن أدرك غيره في سواه:
وقد رأَيت أَن أكتب إليك في أَمر رأَيتك له موضعا وأرجو أَن تكون بما عليك فيه من الحق عالما إِن شاء الله، أَن ترك لن يؤمن سوء تبعته وتعجيل الغير إِلاَّ أَن يعفو الله ويلهم المخرج والتوبة إِليه وذلك فيما أصاب المشركون من عذارى المسلمين ونسائهم بقاليقلا، وترك مفاداتهم فإِن بكاءهم إلى الله عز وجل بمرأى وأصواتهم منه بمسمع حين يكشف المشركون عوراتهن، وحين ينظرن من أولادهن إلى صبغة الكفر بعد الإيمان، فالله الله فيهن فإِنك من أمرهن بسقب وبحيث أَن قلت فيهن بخير سمع منك، أَو كان معذرة إلى الله عز وجل فأد رحمك الله حصتك فيهن إلى الله وحصص من لا يستطيع أَن يقع موقعك من ولي أمورهم واشتر نفسك بذلك من الله وبمالك فإِنك تقرض كريما شاكرا عسى الله أَن مس عباده بعقاب نجاك منه، أَو برحمة يخصك بها وقد كتبت إلى أمير المؤمنين فيهن بكتاب بعثت به إليك لتدفعه إِليه ولكن بما أحببت من تقديم القول فيهن سببا أسأل الله أَن يجعلك فيما يحب أَن يقيم به في عباده معاونا وبالحق فيه قائما وأن يؤتيك عليه من لدنه أجرا عظيما والسلام عليك ورحمة الله:
(1/198)