باب ما ذكر من صيانة أَحمد بن حَنبل نفسه وظلفه عن طلب الدنيا
 
أَحمد بن حَنبل
باب ما ذكر من صيانة أَحمد بن حَنبل نفسه وظلفه عن طلب الدنيا
:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا صالح بن أَحمد بن حَنبل، قَال: دخلتُ يوما على أبي رحمه الله أيام الواثق، والله يعلم على أي حالة نحن وقد خرج لصلاة العصر، وكان له لبد يجلس عليه، وقد أتى عليه سنين كثيرة، حتى قد بلي وإذا تحته كتاب كاغذ، وإذا فيه: بلغني يا أَبَا عَبد الله ما أَنت فيه من الضيق وما عليك من الدين، وقد وجهت إليك بأربعة آلاف درهم على يدي فلان لتقضي بها دينك وتوسع على عيالك، وما هي من صدقة، ولا زكاة، وإنما هو شيء ورثته من أَبي، فقرأت الكتاب ووضعته فلما دخلت قلت: يا أبة، ما هذا الكتاب؟ فاحمر وجهه، وقال: رفعته منك، ثم قال: تذهب بجوابه، فكتب إلى الرجل: وصل كتابك إلي ونحن في عافية، فأما الدين فإِنه لرجل لا يرهقنا، وأمَّا عيالنا فهم في نعمة والحمد لله: فذهبت بالكتاب إلى الرجل الذي كان أوصل كتاب الرجل فلما كان بعد حين ورد عَليه كتاب الرجل بمثل ذلك فرد عليه الجواب بمثل ما ورد فلما مضت سنة أقل، أَو أكثر ذكرناها فقال: لو كنا قبلناها كانت قد ذهبت:
(1/299)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا صالح بن أَحمد قال: شَهِدتُ ابن الجروي أخا الحسن، وقد جاءه بعد المغرب فقال: أَنا رجل مشهور وقد أتيتك في هذا الوقت وعندي شيء قدا عددته لك فأحب أَن تقبله وهو ميراث فلم يزل به فلما أكثر عليه قام ودخل:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا صالح بن أَحمد قال فأخبرت عن حسن قال: قال لي أَخي لما رأَيته كلما ألححت عليه إزداد بعدا قلت أخبره كم هي؟ قلت يا أَبَا عَبد الله هي ثلاثة آلاف دينار، فقام وتركني:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا صالح بن أَحمد بن حَنبل قال: قال فوزان لأبي: عندي خف أبعث به إليك، فسكت، فلما أعاد عليه قال: يا أَبَا محمد لا تبعث بالخف فقد شغل علي قلبي:
(1/300)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا صالح قال وجه رجل من الصين بكاغذ صيني إلى جماعة من المحدثين فيهم يَحيَى وغيره ووجه بقمطر إلى أبي فردها:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا صالح قال كان ولد لي مولود فأهدى صديق لي شيئًا ثم أتى على ذلك أشهر وأراد الخروج إلى البصرة قال لي: تكلم أَبَا عَبد الله يكتب لي إلى المشايخ بالبصرة، فكلمته فقال: لولا أَنه أهدي إليك كنت أكتب له:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا أَحمد بن سنان قال بلغني أَن أَحمد بن حَنبل رهن بغلا له عند خباز على طعام أخذه منه عند خروجه من اليمن وأكرى نفسه من جمالين عند خروجه وعرض عليه عَبد الرَّزاق دراهم صالحة فلم يقبلها:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا أَحمد بن سنان قال: بعث بن طاهر حين مات أَحمد بن حَنبل بصينيتين عظيمتين عليهما كفنه وحنوطه فأبى صالح أَن يقبلها وقال: إِن أَبَا عَبد الله قد أعد كفنه، فرد صالح ما بعث به ابن طاهر، قال فرد ابن طاهر مرة أُخرى وقال: إِني أكره أَن يجد أمير المؤمنين علي، فقال له صالح: إِن أمير المؤمنين أعفى أَبَا عَبد الله مما يكره وهذا مما يكره فلست أقبله، فرده صالح:
حَدثنا عَبد الرَّحمن حَدثنا صالح، قال: قال أَبي: جاءني ابن يَحيَى بن يحيى، قَال أبي وما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك رجلاً يشبه يَحيَى بن يحيى، فجاءني ابنه فقال إِن أبي أوصى بمبطنة له لك وقال يذكرني بها، قال أَبي: فقلت جئ بها، فجاء برزمة ثياب فقلتُ له: إذهب رحمك الله، يَعني ولم يقبله:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا صالح، قال: قلتُ لأَبي إِن أَحمد الدورقي أعطى ألف دينار قال: يا بني ورزق ربك خير وأبقى: