باب ما رثي به يَحيَى بن مَعين بعد وفاته
 
يحيى بن مَعين
باب ما رثي به يَحيَى بن مَعين بعد وفاته
:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: ذكره أبي رحمه الله قال: قال سليمان بن معبد يرثي يَحيَى بن مَعين :
أمن حدثان الدهر أَنت مروع: : : وعينك من فرط الصبابة تدمع
مري دمعك المكنون ما ضمن الحشا: : : من الوجد تبكي تارة وتوجع
لئن هملت عيناك من لوعة الأسى: : : لمثل الذي أذري دموعك يفجع
(1/317)

وينفي الكرى حتى تبيت مسهدا: : : تراعي نجوم الليل مالك مهجع
أفض عبرات من شؤونك وانتحب: : : لخطب جليل أَن قلبك موجع
فقد عظمت في المسلمين زرية: : : غداة نعي الناعون يَحيَى فأسمعوا
فقالوا بأنا قد دفناه في الثرى: : : فكاد فؤادي عندها يتصدع
فقلت ولم أملك لعيني عبرة: : : ، ولا جزعا: أَنا إلى الله نرجع
ألا في سبيل الله عظم رزيتي: : : بيحيى إلى من نستريح ونفزع ؟
ومن ذا الذي يؤتي فيسأل بعده؟: : : إِذا لم يكن للناس في العلم مقنع
لقد كان يَحيَى في الحديث بقية: : : من السلف الماضين حين تقشعوا
فلما مضى مات الحديث بموته: : : وأدرج في أكفانه العلم أجمع
وصرنا حيارى بعد يَحيَى كأننا: : : رعية راع بثهم فتصدعوا
أبى الصبر أَني لا أعاين مثله: : : يد الدهر ما نص الحجيج وأوضعوا
وليس بمغن عنك دمع سفحته: : : ولكن إِليه يستريح المفجع
لعمرك ما للناس في الموت حيلة: : : ، ولا لقضاء الله في الخلق مدفع
فلو أَن مخلوقا نجا من حمامه: : : إِذا لنجا منه النَّبي المشفع
تعز به عن كل ميت رزئته: : : فرزء نبي الله أشجى وأوجع
ولكنما أبكي على العلم إذ مضى: : : فما بعد يَحيَى فيه للناس مفزع
سقى الله قبرا بالبقيع مجاورا: : : نبي الهدي غيثا يجود ويمرع
فقد ترك الدنيا وفر بدينه: : : إلى الله حتى مات، وهو ممتع
وخار له ربي جوار نبيه: : : وذو العرش يعطي من يشاء ويمنع
وإني لأرجو أَن يكون محمد: : : له شافعا يوم القيامة يشفع
(1/318)