ما ذكر من علم أَبي زُرعَة وفقهه
 
أبو زُرعَة الرازي
ما ذكر من علم أَبي زُرعَة وفقهه
:
ومن العلماء الجهابذة النقاد، من الطبقة الرابعة، من أهل الري، أَبو زُرعَة عُبَيد الله بن عَبد الكريم بن يزيد:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا الحسن بن أَحمد بن الليث قال سمعت عبد الواحد بن غياث البَصري يقول: ما رأى أَبو زُرعَة بعينه مثل نفسه أَحَدًا:
قال وسمعت الحسن بن أَحمد يقول: وكان عَبد الواحد كتب عن حماد بن سلمة الكتب، وحماد بن زيد لقى أَصحاب الحسن، وابن سيرين:
(1/328)

قال أَبو محمد: قرأت كتاب إِسحاق بن راهويه بخطه إلى أَبي زُرعَة: إِني أزداد بك كل يوم سرورا فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهذا من أعظم ما يحتاج إِليه اليوم طالب العلم، وأَحمد بن إِبراهيم لا يزال في ذكرك الجميل حتى يكاد يفرط وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط وأقرأني كتابك إِليه بنحو ما أوصيتك من إظهار السنة وترك المداهنة فجزاك الله خيرًا فدم على ما أوصيتك فإِن للباطل جولة ثم يضمحل وإنك ممن أحب صلاحه وزينه وإني أَسمع من إخواننا القادمين ما أَنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا جعفر بن محمد أَبو يَحيَى الزعفراني، قال: سَمِعتُ عَمرو بن سهل بن صرخاب يقول، وذكر أَبا زُرعَة فقال: ما ولد في خمسين ومِئَة سنة مثل أَبي زُرعَة:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ محمد بن مسلم يقول: ما خلف أَبو زُرعَة مثله وسمعته يقول بعد وفاة أَبي زُرعَة، وذكر أَبا زُرعَة فقال: كان دربندان العلم:
(1/329)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: ذكر سَعيد بن عَمرو البرذعي، قال: سَمِعتُ محمد بن يَحيَى النيسابوري يقول: لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله عز وجل لهم مثل أَبي زُرعَة، وما كان الله عز وجل ليترك الأَرض إلا وفيها مثل أَبي زُرعَة يعلم الناس ما جهلوه، ثم جعل يعظم على جلسائه خطر ما حكى له من علة حديث ابن إِسحاق عن الزُّهْري، عن عُروَة، عَن عائشة عن النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم قال: ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك:
قال سَعيد وكنت حكيت له، عَن أَبي زُرعَة أَن محمد بن إِسحاق إصطحب مع معاوية بن يَحيَى الصدفي من العراق إلى الري فسمع منه هذا الحديث في طريقه، وقال لم أستفد منذ دهر علما أوقع عندي، ولا آثر من هذه الكلمة ولو فهمتم عظيم خطرها لاستحليتموه كما استحليته، وجعل يمدح أَبا زُرعَة في كلام كثير:
(1/329)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبا زُرعَة وذكر أَحمد بن حَنبل وأنه أعطاه دفتره فقلتُ له: كان أَحمد بن حَنبل يعرفك حيث دفع كتابه إليك؟ فقال: أي لعمري، كنت أكثر الإختلاف إِليه وكنت أسائله وأذاكره ويذاكرني:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ علي بن الحسين بن الجنيد يقول: ما رأَيت أحدًا أعلم بحديث مالك بن أَنس مسندها ومنقطعها من أَبي زُرعَة، وكذلك سائر العلوم ولكن خاصة حديث مالك قال أَبو زُرعَة رأَيت فيما يرى النائم كأني في مسجد النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم وكأني أمسح يدي على منبر النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم موضع المقعد والذي يليه والذي يليه ثم أمسكته فقصصته على رجل من أهل سجستان كان معنا بحران فقال هذا أَنت تعني بحديث النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم والصحابة والتابعين وكنت إذ ذاك لا أَحفظ كثير شيء من مسائل الأَوزاعي، ومالك والثَّوري وغيرهم ثم عنيت به بعد:
(1/330)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبي يقول: وذكر له أَبو عَبد الله الطهراني، وأَبو زُرعَة فقال: كان أَبو زُرعَة أفهم من أبي عَبد الله الطهراني وأعلم منه بكل شيء بالفقه والحديث وغيره:
(1/331)