باب ما ذكر من معرفة أَبي زُرعَة بعلل الحديث، وبصحيحه من سقيمه
 
أبو زُرعَة الرازي
باب ما ذكر من معرفة أَبي زُرعَة بعلل الحديث، وبصحيحه من سقيمه
:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبا زُرعَة يقول: حَدثنا أَبو بكر بن أَبي شَيبة، حَدثنا وكيع عن مِسْعَر عن عاصم بن عُبَيد الله قال رأَيت ابن عُمر يهرول إلى المسجد، فقال أَبو زُرعَة فقلتُ له: مِسْعَر لم يرو عن عاصم بن عُبَيد الله شيئًا إِنما هذا سُفيان عن عاصم، فلج فيه قال فدخل بيته فطلبه فرجع فقال: غيروه هو عن سفيان:
(1/335)

قال أَبو محمد: رأَيت في كتاب كتبه عَبد الرَّحمن بن عُمر الأصبهاني المعروف برستة من أصبهان إلى أَبي زُرعَة بخطه: وإني كنت رويت عندكم، عَن ابن مهدي عن سُفيان عن الأَعمش، عَن أَبي صالح، عَن أَبي هُرَيرة عن النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم أَنه قال: أبردوا بالظهر فإِن شدة الحر من فيح جهنم، فقلت: هذا غلط، الناس يروون، عَن أَبي سَعيد عن النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم، فوقع ذلك من قولك في نفسي فلم أكن أنساه حتى قدمت ونظرت في الأصل فإذا هو عَن أَبي سَعيد عن النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم، فإِن خف عليك فأعلم أَبَا حاتم عافاه الله ومن سألك من أَصحابنا فإِنك في ذلك مأجور إِن شاء الله، والعار خير من النار:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبا زُرعَة يقول أتينا أَبَا عُمر الحوضي وقد دخل قوم عليه، وهو يحدثهم، وأنا، وأَبو حاتم وجماعة منا خارج نتسمع فوقع في مسامعنا، وهو يقول: حَدثنا جرير بن حازم عن مُجَالد عن الشعبي عن النعمان بن بشير عن النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم: إِني مكاثر بكم الأمم فصحنا من وراء الباب فقلنا يا أَبَا عُمر هذا عن جابر، فقال: صدقتم، صدقتم, أدخلوا:
(1/336)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: حضر عند أَبي زُرعَة محمد بن مسلم، والفضل بن العباس المعروف بالصائغ فجرى بينهم مذاكرة، فذكر مُحمد بن مسلم حديثا فأَنكر فضل الصائغ فقال يا أَبَا عَبد الله ليس هكذا هو فقال كيف هو؟ فذكر رواية أُخرى، فقال محمد بن مسلم بل الصحيح ما قلت والخطأ ما قلت، قال فضل فأبو زُرعَة الحاكم بيننا، فقال محمد بن مسلم لأَبي زُرعَة إيش تقول أينا المخطئ؟ فسكت أَبو زُرعَة ولم يجب فقال محمد بن مسلم: مالك سكت، تكلم، فجعل أَبو زُرعَة يتغافل، فألح عليه محمد بن مسلم وقال: لا أعرف لسكوتك معنى، إِن كنت أَنا المخطئ فأخبر وإن كان هو المخطئ فأخبر، فقال هاتوا أَبَا القاسم بن أَخي فدعى به فقال اذهب وادخل بيت الكتب فدع القمطر الأول والقمطر الثاني والقطمر الثالث وعد ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع عشر، فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إِليه فأخذ أَبو زُرعَة فتصفح الأوراق وأخرج الحديث ودفعه إلى محمد بن مسلم فقرأه محمد بن مسلم: فقال نعم غلطنا فكان ماذا ؟:
(1/337)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: قيل لأَبي زُرعَة بلغنا عنك أنك قلت لم أَرَ أحدا أَحفظ من ابن أَبي شيبة؟ فقال: نعم في الحفظ ولكن في الحديث كأَنه لم يحمده، فقال: روى مرة حديث حُذيفة في الإزار، فقال: حَدثنا أَبو الأَحوص، عَن أَبي إِسحاق، عَن أَبي معلى عن حُذيفة، فقلتُ له: إِنما هو أَبو إِسحاق عن مسلم بن نذير عن حُذيفة، وذاك الذي ذكرت عن أبي إِسحاق، عَن أَبي المعلي عن حُذيفة قال كنت ذرب اللسان، فبقي، فقلت للوراق أحضروا المسند، فأتوا بمسند حُذيفة فأصابه كما قلت:
(1/337)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبا زُرعَة يقول: كنا عند أَبي بكر بن أَبي شَيبة، ومعنا كيلجة، فقال أَبو بكر بن أَبي شيبة: حَدثنا ابن عُيَينة، عَن عَبد الله بن أَبي بكر، عن أَنس، أَنه قال: يتبعُ الميتَ ثلاثٌ : : : ،فقال كيلجة: هو عن عُبَيد الله بن أَبي بكر: فقال: عن عُبَيد الله بن أَبي بكر، فقلتُ: يا أَبَا بكر، تركتَ الصوابَ، وتلقنتَ الخطأ، إِنما رُوي هو عَن عَبد الله بن أَبي بكر، وسفيان لم يَلْقَ عُبَيد الله بن أَبي بكر، فقال لقَّنني هذا: فقلتُ: كلما لقَّنَك هذا تريد أَن تقبله؟!:
(1/338)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبا زُرعَة يقول حَدثنا أَبو بكر بن أَبي شيبة مرة عن وكيع عن مِسْعَر عن عاصم بن عُبَيد الله قَال رأَيت سالما توضأ مرة، فقلت إِنما هو وكيع عن سُفيان، فقال: لا حَدثنا وكيع عن مِسْعَر عن عاصم بن عُبَيد الله فقلت ليس هذا من حديث مِسْعَر، حَدثنا أَبو نُعَيم، ومحمد بن كثير عن سُفيان عن عاصم، ولم يسمع مِسْعَر من عاصم بن عُبَيد الله شيئًا، فقال: بلى مِسْعَر عن عاصم عن الشعبي، فقلت: هذا عاصم وذكر عاصما آخر إِنما قلت لك عاصم بن عُبَيد الله لم يسمع مِسْعَر منه شيئًا، فسكت فلما كان بالعشي قال قد أصبته هُو كما قلت أَنت حَدثنا وكيع والفضل بن دكين عن سفيان، وقال له رجل يوما يا أَبَا بكر منذ قدم أَبو زُرعَة صحح لنا سبعين حديثا، فخجل، ثم قال أَبو زُرعَة: يكون مثل هذا كثير هذا علي بن المَديني ذاكر بباب لعبد الرَّحمن بن مهدي في التسليم واحدة، وعَبد الرَّحمن كان له في هذا باب فقال علي: هذا كله كذب، فلما كان بعد أيام روى الباب عن عَبد الرَّحمن:
(1/338)