باب ما ذكر من علم أبي أَبو حاتم رحمه الله وفقهه ومعرفته بناقلة الآثار
 
أبو حاتم الرازي
باب ما ذكر من علم أبي أَبو حاتم رحمه الله وفقهه ومعرفته بناقلة الآثار
:
حَدثنا عَبد الرحمَن قال: سَمِعتُ محمد بن العباس مولى بني هاشم، أَو غيره قال حضرت محمد بن حميد وجاءه رجل يستفتيه في مسألة فقال صر إلى أبي حاتم محمد بن إدريس فسله عنه:
قال أَبو محمد وكان في ذلك الوقت مشايخ متوافرون مثل إِبراهيم بن موسى، ومحمد بن مهران الجمال، وأبي حصين بن يَحيَى بن سليمان، وأَبي زُرعَة وغيرهم:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبي رحمه الله يقول قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب علي حديثا غريبا مسندا صحيحا لم أَسمع به فله علي درهم يتصدق به وقد حضر على باب أبي الوليد خلق من الخلق أَبو زُرعَة فمن دونه، وإنما كان مرادي أَن يلقى علي ما لم أَسمع به فيقولون هو عند فلان فأذهب فأسمع، وكان مرادي أَن أستخرج منهم ما ليس عندي، فما تهيا لأحد منهم أَن يغرب علي حديثا:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبي يقول: تعجبت من غفلة أبي نُعَيم الفضل بن دكين حيث جعل يزيد بن خصيفة في الكوفيين، وهو مدني، وأدخل عَمرو بن يَحيَى المازني في الكوفيين، وهو مدني، وجعل عثمان البتي في الكوفيين، وهو بَصري:
(1/355)

سمعتُ أَبي يقول: جرى بيني وبين أَبي زُرعَة يوما تمييز الحديث ومعرفته فجعل يذكر أحاديث ويذكر عللها، وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها وخطأ الشيوخ، فقال لي يا أَبا حاتم قل من يفهم هذا، ما أعز هذا، إِذا رفعت هذا من واحد واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا، وربما أشك في شيء، أَو يتخالجني شيء في حديث فإلى أَن ألتقى معك لا أجد من يشفيني منه: قال أبي وكذلك كان أمري:
قال أَبو محمد قلتُ لأبي: محمد بن مسلم؟ قال يحفظ أشياء عن محدثين يؤديها، ليس معرفته للحديث غزيرة:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبي وجرى عنده معرفة الحديث فقال أَبو عَبد الله الذي يحدث عنه محمد بن جابر والذي يحدث عن سَعيد بن جُبير وعن مصعب بن سعد وعن زاذان هو مسلم الجهني، ومسلم البطين أيضا يكنى أَبا عَبد الله، غير أَنه لا يحتمل أَن يكون مسلم الملائي يحدث عن مصعب بن سعد وعن زاذان: ثم قال: ذهب الذي كان يحسن هذا، يَعني أَبَا زُرعَة، وما بقي بمصر، ولا بالعراق أحد يحسن هذا، قلتُ: محمد بن مسلم؟ قال: يفهم طرفا منه:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبي يقول: وقيل له: إِن عَبد الجبار بن العلاء:
رَوَى عَن: مروان الفَزارِى، عَن ابن أَبي ذئب، فقال أبي قد نظرت في حديث مروان بالشام الكثير فما رأَيت، عَن ابن أَبي ذئب أصلا: فقال له أَبو يَحيَى الزعفراني: أنكر على أَبو زُرعَة كما أنكرت
فحملت إِليه كتابي وأريته فجعل يتعجب:
قال أَبو محمد إتفقا في الإنكار على عَبد الجبار بن العلاء روايته عن مروان، عَن ابن أَبي ذئب من غير تواطؤ لمعرفتهما بهذا الشأن:
(1/356)