ما أنشد في أبي أَبو حاتم ، وأَبي زُرعَة رحمهما الله من الشعر
 
أبو حاتم الرازي
ما أنشد في أبي أَبو حاتم ، وأَبي زُرعَة رحمهما الله من الشعر
:
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبي يقول: قال بعض الحكماء هذه الأبيات :
ليس في الدين مِراءٌ : : : ليس بالحق خفا
وعلى الحق لذي الفهم : : : من النور هُدى
ليس ذوالعرش بمعبودٍ : : : برأيٍ وهوى
إن يكن هذا كذا : : : فإذًا ليس يُرى
ديننا في كل يوم : : : رأي هذا ثم ذا
ليس ذو الآثار في الدين : : : وذو الرأي سوا
ليس تُبَّاع رسول الله : : : قَصًّا واقتِفَتا
مثل من يتبع نُعمان : : : على رأيٍ رأَى
ولو أَن الدين رأْيٌّ : : : فيه أصبحنا سوا
ويهودٌ ونصارى : : : فيه كانوا شركا
ولقد قال بنُصحٍ : : : جاء فيما عنه جا
عامر الشعبي قولاً : : : كان فيه ما كفى
بُلْ على ما كان رأيًا : : : فكفا كم منه ذا
إنما الدينُ اتباعٌ : : : لا ابتداعٌ وابتِدا
(1/368)

فعليكم بأَبي زُرعة : : : ذي العلم الرضا
وأَبي حاتمٍ التابعِ : : : قول المصطفى
فهم أوعية العلم : : : ليحبوكم حبا
من أحاديث رسول الله : : : عَوْدًا وبِدا
قد رواها ثقةٌ عن ثقةٍ : : : عنه رَوى
وتحامُوا صاحبَ الخان : : : فما يَدري هَبَا
من قعاقيع نُعَيمان : : : الذي كان طغا
وعتا في الأَرض إفسادًا : : : وظلمًا واعتِدا:
قال أَبو محمد: وأنشدني أَبو محمد الإيادي في أبي رضي الله عنه يرثيه:
أنفسي مالك لا تجزعينا وعينى مالك لا تدمعينا
أنفسي مالك خوارة كأنك في غمرة تعمهينا
أنفسي مالك حيرانة بأذنك وقر فلا تسمعينا
ألم تسمعي لكسوف العلوم في شهر شعبان حقا مدينا
ألم تسمعي خبر المرتضى أبي حاتم أعلم العالمينا ؟
ألم تسمعي أَنه ميت وأن الأنام به مفجعونا
إمام الأنام ثوى ملحدا فأعظم لمرزئة
قد رزينا إمام المشارق والمغربين وما بين ذلك أضحى رهينا
إمام الأنام خصصنا به وعم الورى كلهم أجمعينا
(1/369)

ففي الأَرض بالشيخ عرس مقيم ومن فوقها مأتم المؤمنينا
فأضحت سعيدا بجثمانه وصرنا بفقدانه قد شقينا
فيا أرض صرت به روضة فكوني به برة تسعدينا
ويارى كنت به جنة فحرت به قفرة ترحمينا
لقد فازت الأَرض طوبى لها: : : وصادفت الأَرض علقا ثمينا
مضى شيخنا المضري الذي: : : ثلبنا به عصب الجاحدينا
مضى شيخنا الحنظلي الذي: : : أبينا به الضيم أَن نستكينا
فيا آل إدريس ماذا رزئتم؟: : : ويا آل إدريس ماذا رزينا ؟
سلبنا وإياكم عزنا: : : فقد عظم الرزء فيكم وفينا
دفنتم به علم أسلافنا: : : وآثار أشياخنا الصالحينا
فمن للمسائل والواقعات: : : وللمشكلات إِذا ما بلينا ؟
ومن ذا يميز أخبارنا؟: : : ومن ذا يرد على المارقينا ؟
دفنا أَبا زُرعَة اليوم لما: : : دفنا ابن إدريس في الهالكينا
وسفيان أيضا دفنا به: : ، وشُعبة إِن كنتم تعقلونا
وسفيان مكة والأصبحي: : : بحر البحور إِذا يذكرونا
وحماد من بعد حمادنا: : : وشيخ الشآم شجا الكافرينا
وليث بن سعد لهم تاسع: : : ، وعَبد إِلاَّ له به يكملونا
فكلا فقدنا بفقدانه: : : وإنا إلى ربنا راجعونا
شقينا بموت أبي حاتم: : : شقاء طويلا وحزنا حزينا
فلا حملت بعده حرة: : : ، ولا حمل البحر فيه سفينا
(1/370)

فيا عين فاستعبرى بعده: : : وجودي بدمعك لا تبخلينا
ويا نفس قولي لأهل الحديث: : : تعالوا نبكي أَبَا المسلمينا
تعالوا نبكي على ربها: : : بكاء الثكول مع الثاكلينا
أيا لهف نفسي على شيخنا: : : لقد كان للدين حصنا حصينا
فيا أهل طرسوس نوحوا عليه: : : ويا عين زربة لا تخذلونا
وقل لزبطرة لا تأمنوا: : : فقد جاء في الكتب ما توعدونا
لموت أبي حاتم فاحذروا: : : وكونوا على وجل خائفينا
ويا أهل مصيصة المنتضا: : : ة سيف الشآم على الكافرينا
ويا ثغر مصر وثغر الحجاز: : : وثغر العراق ألا تندبونا
ويا ثغر سند إلى كابل: : : وزابل فاستيقظوا فاطنينا
ويا أهل شاش إلى بنكث: : : ويا أهل خوارزم لا تأمنونا
ويا أهل جرجان ويحالكم: : : ويا أهل كلال ما تعقلونا
ويا أهل قزوين ما غالكم: : : وأبهر ما ذا تروا أَن يكونا
فقد مات من كان رداء لكم: : : وللخلق كلهم أجمعينا
ويا حرمى ربنا والرسول: : : ومن بهما أصبحوا قاطنينا
هلموا إلى مأتمي كلكم: : : جميعا، ولا تحضروا الملحدينا
فقد شمتوا بالذي غالنا: : : فلا بارك الله في الشامتينا
ويا أيها الشامتون إقصروا: : : فقد خلف الشيخ إبنا رصينا
ففي الإبن منه عزاء لنا: : : نقوم بنصرته ما بقينا
(1/371)

فيا رب أورد أَبَا حاتم: : : حياض النَّبي مع الطيبينا
أبي بكر الخير صهر النبي: : : وثانيه في الغار إذ يهربونا
وفاروقها عُمر بعده: : : وعثمان ذي النور في الواردينا
ويعسوب أمتنا فيهم: : : أبي حسن سيد المتقينا
وطلحة من بعدهم والزبير: : : وكل له الفضل في السابقينا
ولا تنس شيخي بني زهرة: : : وشيخ عَدي به يحسبونا
فذلك عشر كما جاءنا: : : وصح لدينا عن السالفينا
بحبهم دان من قبلنا: : : ونحن لهم خلف تابعونا
أيمشي على ظهرها أهلها: : : وتحت الثرى جسد الصالحينا
فسبحان من جعل الموت حتما: : : وكل إلى حتمه صائرونا
(1/372)