سئل: عن رجلين تنازعا في ساب أبي بكر أحدهما يقول‏:‏ يتوب اللّه عليه وقال الآخر‏:‏ لا يتوب اللّه عليه؟
 
/ سُئلَ ـ رَحمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ـ عن رجلين تنازعا في ساب أبي بكر، أحدهما يقول‏:‏ يتوب اللّه عليه، وقال الآخر‏:‏ لا يتوب اللّه عليه‏.‏
فَأجَـــابَ‏:‏
الصواب الذي عليه أئمة المسلمين أن كل من تاب تاب اللّه عليه، كما قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏53‏]‏، فقد ذكر في هذه الآية أنه يغفر للتائب الذنوب جميعًا؛ ولهذا أطلق وَعمَّم‏.‏ وقال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 48‏]‏ فهذا في غير التائب، ولهذا قَيَّد وخصَّص‏.‏
وليس سَب بعض الصحابة بأعظم من سب الأنبياء؛ أو سب اللّه ـ تعالى ـ و اليهود والنصارى الذين يسبون نبينا سرًا بينهم إذا تابوا وأسلموا قُبِلَ ذلك منهم باتفاق المسلمين، والحديث الذي يروى‏:‏ ‏(‏سَبُّ صحابتي ذَنْبٌ لا يُغْفَر‏)‏، كذب على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، والشرك الذي لا يغفره اللّه، يغفره /لمن تاب باتفاق المسلمين، وما يقال‏:‏ إن في ذلك حقًا لآدمي يجاب عنه من وجهين‏:‏
أحدهما‏:‏ أن اللّه قد أمر بتوبة السارق و الملَقِّب ونحوهما من الذنوب التي تعلق بها حقوق العباد، كقوله‏:‏ ‏{‏وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 38، 39‏]‏
وقال‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏ ‏[‏الحجرات‏:‏ 11‏]‏، ومن توبة مثل هذا أن يعوض المظلوم من الإحسان إليه بقدر إساءته إليه‏.‏
الوجه الثاني‏:‏ أن هؤلاء متأولون، فإذا تاب الرافضي من ذلك، واعتقد فضل الصحابة، وأحبهم، ودعا لهم، فقد بَدَّل اللّه السيئة بالحسنة، كغيره من المذنبين‏.‏