قوله في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم‏ (‏نور أنى أراه‏)
 
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم‏:‏
سمعت شيخ الإسلام أحمد بن تيمية يقول في قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏‏(‏نور أنى أراه‏)‏ معناه‏:‏
كان ثم نور، وحال دون رؤيته نور فأنى أراه‏؟‏ قال‏:‏ ويدل عليه أن في بعض ألفاظ الصحيح هل رأيت ربك‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏رأيت نورًا‏)‏‏.‏
وقد أعضل أمر هذا الحديث على كثير من الناس، حتى صحفه بعضهم فقال‏:‏ ‏(‏نورًا إني أراه‏)‏ على أنها ياء النسب، والكلمة كلمة واحدة‏.‏ وهذا خطأ لفظًا ومعنى، وإنما أوجب لهم هذا الإشكال والخطأ أنهم لما اعتقدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه، وكان قوله‏:‏ ‏(‏أنى أراه‏؟‏‏)‏ كالإنكار للرؤية، حاروا في الحديث، ورده بعضهم باضطراب لفظه، وكل هذا عدول عن موجب الدليل‏.‏
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب ‏[‏الرد له‏]‏ إجماع الصحابة، على أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه ليلة المعراج، وبعضهم استثنى ابن عباس من ذلك، وشيخنا يقول‏:‏ ليس ذلك بخلاف في الحقيقة، فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه،وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين، حيث قال‏:‏ إنه رآه، لم يقل‏:‏ بعيني رأسه‏.‏
ولفظ أحمد كلفظ ابن عباس‏.‏
ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر‏:‏ قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر‏:‏ ‏(‏حجابه النور‏)‏ فهذا النور هو ـ والله أعلم ـ النور المذكور في حديث أبي ذر‏:‏ ‏(‏رأيت نورًا‏)‏‏.‏