فصــل: في قول القائل‏:‏ هل تكون صفة الإيمان نورًا يوقعه الله في قلب العبد ويعرف العبد عند وقوعه في قلبه الحق من الباطل‏؟‏
 
فصــل
وأما قول القائل‏:‏ هل تكون صفة الإيمان نورًا يوقعه الله في قلب العبد، ويعرف العبد عند وقوعه في قلبه الحق من الباطل‏؟‏
فيقال له‏:‏قد قال الله تعالى‏:‏‏{‏اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ‏}‏ قال أبي بن كعب وغيره‏:‏ مثل نوره في قلب المؤمن، إلى قوله‏:‏‏{‏وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏35‏:‏ 40‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏122‏]‏، فالإيمان الذي يهبه الله لعبده سماه نورًا، وسمى الوحي النازل من السماء الذي به يحصل الإيمان ‏{‏نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏52‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏157‏]‏ وأمثال ذلك، ولا ريب أن المؤمن يفرق بين الحق والباطل، بل يفرق بين أعظم الحق، لكن لا يمكن أن يقال بأن كل من له إيمان يفرق بمجرد ما أعطيه من الإيمان بين كل حق وكل باطل‏.‏