حتمية امتثال المؤمن لأمر الله ونهيه وقدره
 
قَالَ شَيخ الإِسْلام عَلاَّمة الزَّمَان أبو العباس أحمد بن تيمية ـ رحمه الله ونور ضريحه‏:‏
الحمد للّه، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد اللّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له‏.‏
وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى اللّه عليه وسلم تسليما كثيرًا‏.‏
قال الشيخ أبو محمد عبد القادر في كتاب ‏]‏فتوح الغيب‏[‏‏:‏ لابد لكل مؤمن في سائر أحواله من ثلاثة أشياء‏:‏
أمر يمتثله‏.‏
ونهي يجتنبه‏.‏
وقدر يرضي به‏.‏
/فأقل حالة لا يخلو المؤمن فيها من أحد هذه الأشياء الثلاثة، فينبغي له أن يلزم بها قلبه، ويحدث بها نفسه، ويأخذ بها الجوارح في كل أحواله‏.‏
قلت‏:‏ هذا كلام شريف، جامع يحتاج إليه كل أحد، وهو تفصيل لما يحتاج إليه العبد، وهي مطابقة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏ 90‏]‏، ولقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 120‏]‏ ولقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 186‏]‏؛ فإن ‏[‏التقوى‏]‏ تتضمن‏:‏ فعل المأمور، وترك المحظور، و‏[‏الصبر‏]‏ يتضمن‏:‏ الصبر على المقدور‏.‏ فالثلاثة ترجع إلى هذين الأصلين، والثلاثة في الحقيقة ترجع إلى امتثال الأمر، وهو طاعة اللّه ورسوله‏.‏
فحقيقة الأمر أن كل عبد فإنه محتاج في كل وقت إلى طاعة اللّه ورسوله، وهو‏:‏ أن يفعل في ذلك الوقت ما أمر به في ذلك الوقت وطاعة اللّه ورسوله هي‏:‏ عبادة اللّه التي خلق لها الجن والإنس، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ‏}‏ ‏[‏الذاريات‏:‏ 56‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏ ‏[‏الحجر‏:‏ 99‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 21‏]‏‏.‏