فصـل في تفسير قوله تعالى {إذ تستغيثون ربكم}
 
/ سورة الأنفال
وقال شيخ الإسلام‏:‏
فصـل
قال ـ سبحانه ـ فى قصة بدر‏:‏ ‏{‏إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 9، 10‏]‏، فوعدهم بالإمـداد بألف وعـدًا مطلقًا، وأخبر أنـه جعل إمداد الألف بُشْرى ولم يقيده، وقال فى قصة أحد‏:‏ ‏{‏إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏124، 125‏]‏، فإن هذا أظن فيه قولين‏:‏
أحدهما‏:‏ أنـه متعلق بأُحُـد؛ لقـولـه بعـد ذلك ‏{‏لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ‏}‏ الآيـة ‏[‏آل عمران‏:‏127‏]‏؛ ولأنه وعد مقيد، وقوله فيه‏:‏ ‏{‏وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 126‏]‏، يقتضى خصوص البشرى بهم‏.‏
وأما قصة بدر، فإن البشرى بها عامة، فيكون هذا كالدليل على ما روى من أن ألف بدر باقية فى الأمة، فإنه أطلق الإمداد والبشرى وقدم ‏{‏بِهِ‏}‏ على ‏{‏لَكُمْ‏}‏ عناية بالألف، وفى أحد كانت العناية بهم لو صبروا فلم يوجد الشرط‏.‏