تفسير بعض الآيات المُشكلة
 
قال شيخ الإسلام‏:‏
هذا تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد في طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ فيها‏.‏
منها قوله تعالى{مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا‏}‏ الآية ‏[‏النمل‏:‏ 89‏]‏، المشهور عن السلف أن الحسنة‏:‏ لا إله إلا اللّه، وأن السيئة‏:‏ الشرك، وعن السدى قال‏:‏ ذلك عند الحساب ألغى بدل كل حسنة عشر سيئات، فإن بقيت سيئة واحدة فجزاؤه النار إلا أن يغفر اللّه له‏.‏
قلت‏:‏ تضعيف الحسنة إلى عشر وإلى سبعمائة ثابت فى الصحاح، وأن السيئة مثلها، وأن الهم بالحسنة حسنة، والهم بالسيئة لا يكتب‏.‏
فأهل القول الأول قالوه؛ لأن أعمال البر داخلة فى التوحيد، فإن عبادة اللّه بما أمر به كما قال‏:‏ ‏{‏بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ‏}‏ الآية ‏[‏البقرة‏:‏ 112‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً‏}‏ الآية ‏[‏إبراهيم‏:‏ 24‏]‏‏.‏
/ فالكلمة الطيبة‏:‏ التوحيد، وهى كالشجرة، والأعمال ثمارها فى كل وقت، وكذلك السيئة، هى العمل لغير اللّه، وهذا هو الشرك، فإن الإنسان حارث هُمَام لابد له من عمل ولابد له من مقصود يعمل لأجله‏.‏ وإن عمل للّه ولغيره فهو شرك‏.‏
والذنوب من الشرك فإنها طاعة للشيطان‏.‏ قال‏:‏‏{‏إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ‏}‏ الآية ‏[‏إبراهيم‏:‏ 22‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ‏}‏ الآية ‏[‏يس‏:‏ 60‏]‏، وفى الحديث‏:‏ ‏(‏وشر الشيطان وشركه‏)‏‏.‏ لكن إذا كان موحداً وفعل بعض الذنوب نقص توحيده‏.‏ كما قال‏:‏ ‏(‏لا يزنى الزانى‏)‏ إلخ‏.‏ومن ليس بمؤمن فليس بمخلص، وفى الحديث‏:‏ ‏(‏تعس عبد الدينار‏)‏ إلخ‏.‏ وحديث أبى بكر‏:‏ قل‏:‏ ‏(‏اللهم إنى أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم‏)‏ إلخ، لكن إذا لم يعدل باللّه غيره فيحبه مثل حب اللّه، بل اللّه أحب إليه وأخوف عنده وأرجى من كل مخلوق، فقد خلص من الشرك الأكبر‏.‏