فَصْــل في ما ينبغي أن يعرف
 
فَصْــل
ومما ينبغي أن يعرف؛ أنا لا نقول‏:‏ إن الشيء لا يعرف إلا بإثبات جميع لوازمه‏.‏ هذا لا يقوله عاقل، بل قد تعرف عامة الأشياء وكثير/من لوازمها لا تعرف، وقد يعلم المسلمون أن الرب على كل شيء قدير وأنه يفعل ما يشاء، وهم لا يعرفون كثيرًا من لوازم القدرة والمشيئة‏.‏ لكن أهل الاستقامة كما لا يعرفون اللوازم فلا ينفونها، فإن نفيها خطأ‏.‏
وأما عدم العلم بها كلها فهذا لازم لجميع الناس ـ فسبحان من أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا‏.‏ وما سواه ‏{‏وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 255‏]‏، وهو ـ سبحانه ـ ‏{‏يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 110‏]‏‏.‏
ولكن المقصود بيان أن المخالفين للرسول صلى الله عليه وسلم ـ ولو في كلمة ـ لابد أن يكون في قولهم من الخطأ بحسب ذلك‏.‏ وأن الأدلة العقلية والسمعية المنقولة عن سائر الأنبياء توافق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وتناقض ما يقوله أهل البدع المخالفون للكتاب والسنة‏.‏
وإذا قالوا‏:‏ إن العقل يخالف النقل، أخطؤوا في خمسة أصول‏:‏
أحدها‏:‏ أن العقل الصريح لا يناقضه‏.‏
الثانى‏:‏ أنه يوافقه‏.‏
الثالث‏:‏ أن ما يدعونه من العقل المعارض ليس بصحيح‏.‏
الرابع‏:‏ أن ما ذكروه من المعقول المعارض هو المعارض للمعقول الصريح‏.‏
الخامس‏:‏ أن ما أثبتوا به الأصول كمعرفة البارى وصفاته لا يثبتها، بل يناقض إثباتها‏.