فصل في ظهور المناسبة بين السورتين
 
فصل
وتظهر المناسبة بين السورتين من وجه آخر، وهو أن المستعاذ منه هو الشر، كما أن المطلوب هو الخير‏:‏ إما من فعل العبد، وإما من غير فعله‏.‏ ومبدأ فعله للشر هو الوسواس، الذي يكون تارة من الجن، وتارة من الإنس‏.‏ وحسم الشر بحسم أصله ومادته أجود من دفعه بعد وقوعه‏.‏ فإذا أعيذ العبد من شر الوسواس الذي يوسوس في الصدور، فقد أعيذ من شر الكفر والفسوق والعصيان، فهذا في فعل نفسه، وتعم الآية ـ أيضًا ـ فعل غيره لسوء معه، فكانت هذه السورة للشر الصادر من العبد، وأما الشر الصادر من غيره فسورة ‏[‏الفلق‏]‏ فإن فيها الاستعاذة من شر المخلوقات عمومًا وخصوصًا‏.‏ واللّه أعلم‏.