فصل: النية يراد بها النوع من المصدر ويراد بها المنوي
 
فصل
ولفظ ‏[‏النية‏]‏ يراد بها النوع من المصدر،ويراد بها المنوي، واستعمالها في هذا لعله أغلب في كلام العرب، فيكون المراد إنما الأعمال بحسب ما نواه العامل،أي‏:‏بحسب منويه؛ولهذا قال في تمامه‏:‏‏(‏فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله‏)‏ فذكر ما ينويه العامل ويريده بعمله وهو الغاية المطلوبة له،فإن كل متحرك بالإرادة لابد له من مراد‏.‏
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأقبحها حرب ومرة، وأصدقها حارث وهمام‏)‏ فإن كل آدمي حارث وهمام، والحارث هو العامل الكاسب، والهمام الذي يهم ويريد‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏ 20‏]‏ ، فقوله حرث الدنيا أي‏:‏ كسبها وعملها؛ ولهذا وضع الحريري مقاماته على لسان الحارث بن همام؛ لصدق هذا الوصف على كل أحد‏.‏