وسئل عن المسكنة وقوله اللهم أَحْيِنِي مسكينًا
 


/ وسئل شيخ الإسلام عن ‏[‏المسكَنَة‏]‏ وعن قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اللهم أَحْيِنِي مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زُمْرَة المساكين‏)‏‏.‏
فأجاب‏:‏
الحمد لله، هذا الحديث قد رواه الترمذي، وقد ذكره أبو الفرج في الموضوعات، وسواء صح لفظه، أو لم يصح، فالمسكين المحمود هو المتواضع، الخاشع لله، ليس المراد بالمسكنة عدم المال، بل قد يكون الرجل فقيرًا من المال، وهو جبار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب اليم‏:‏ ملك كذاب، وفقير مختال، وشيخ زان‏)‏‏.‏ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد‏)‏‏.‏ فالمسكنة‏:‏ خلق في النفس، وهو التواضع والخشوع، واللين ضد الكِبْر‏.‏ كما قال عيسي ـ عليه السلام ـ‏:‏ ‏{‏وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏32‏]‏، ومنه قول الشاعر‏:‏
/مساكين أهل الحب حتى قبورهم ** عليها تـراب الــذل بـين المقابـــر
أي‏:‏ أذلاء فالحب يعطي الذل، وعبادة الله تجمع كمال الحب له وكمال الذل له، فمن كان محبًا شيئًا ولم يكن ذليلاً له، لم يكن عابدًا‏.‏ ومن كان ذليلاً له، وهو مُبْغِضُ، لم يكن عابدًا، والحب درجات‏:‏ أعلاه التَّتَيُّم، وهو التعبد، وتَيَّم الله‏:‏ عَبَدَ الله، وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ على الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا‏}‏ الآيات ‏[‏الفرقان‏:‏ 63‏]‏‏.‏ وشواهد هذا الأصل كثيرة‏.‏