فصل: حديث من يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله |
/وقال شيخ الإسلام: فصل جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين العفة والغِنَي في عدة أحاديث، منها: قوله في حديث أبي سعيد المخرج في الصحيحين: (من يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، ومن يستعفف يُعِفَّه الله). ومنها: قوله في حديث عياض بن حمار في صحيح مسلم: (أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مُقْسِط، ورجل غني عفيف متصدق). ومنها: قوله في حديث الخيل الذي في الصحيح: (ورجل ارتبطها تَغَنِّيَا وتعففًا. ولم يَنْسَ حق الله في رقابها وظهورها، فهي له سِتْر). ومنها: ما روي عنه: (من طلب المال استغناءً عن الناس واستعفافًا عن المسألة لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر). ومنها: قوله في حديث عمر ـ وغيره ـ: (ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مُشْرِفٍ فخذه) فالسائل بلسانه، وهو ضد المتعفف، والمُشْرِفُ بقلبه، وهو ضد الغني. قال في حق الفقراء: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273]، أي/ عن السؤال للناس. وقال: (ليس الغِنَي عن كثرة العَرَضِ، وإنما الغني غني النفس) فغني النفس الذي لا يستشرف إلى المخلوق، فإن الحر عَبْدٌ ما طمع، والعبد حُرٌ ما قَنَعْ. وقد قيل: أطعت مطامعي فاستعبدتني فَكرِهَ أن يتبع نفسه ما استشرفت له لئلا يبقي في القلب فقر وطمع إلى المخلوق، فإنه خلاف التوكل المأمور به، وخلاف غني النفس. |