فصل: في حديث إن أكبر الكبائر الكفر والكِبْر
 

/ وقال شيخ الإسلام‏:‏
فصل
جاء في حديث ‏(‏إن أكبر الكبائر الكفر والكِبْر‏)‏ وهذا صحيح، فإن هذين الذنبين أساس كل ذنب في الإنس والجن، فإن إبليس هو الذي فعل ذلك أولاً، وهو أصل ذلك‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 74‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَي وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 34‏]‏ وفي صحيح مسلم، عن ابن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كِبْر‏)‏ فجعل الكبر يُضَاد الإيمان‏.‏
وكذلك الشرك في مثل قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 48‏]‏، وقال ابن مسعود‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من مات وهو لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة‏)‏ قال‏:‏ وأنا أقول‏:‏ من مات وهو يشرك بالله شيئًا دخل النار‏.‏
/ثم مـن الناس من يجمع بينهما،ومنهم من ينفرد له أحدهما،والمؤمن الصالح عافاه الله منهما‏.‏ فإن الإنسان؛ إما أن يخضع لله وحده، أو يخضع لغيره مع خضوعه له، أولا يخضع لا لله ولا لغيره‏.‏ فالأول‏:‏ هو المؤمن، والثاني‏:‏ هو المشرك، والثالث‏:‏ هو المتكبر الكافر‏.‏ وقد لا يكون كافرًا في بعض المواضع، والنصاري آفَتُهُم الشرك، وإليهود آفتهم الكبر، كما قال تعالى عن النصاري‏:‏ ‏{‏اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبابا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 31‏]‏، وقال عـن إليهود‏:‏ ‏{‏سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏146‏]‏، ولهذا عوقبت إليهود بِضَرْب الذِّلَّة والمسكنة عليهم، والنصاري بالضلال والبدع والجهالة‏.‏