فصل في اعتقاد أن الفطر من الحجامة مخالف للقياس
 
فصل
وأما الحجامة فإنما اعتقد أن الفطر منها مخالف للقياس من اعتقد أن الفطر مما خرج لا مما دخل وهؤلاء أشكل عليهم القيء والاحتلام ودم الحيض والنفاس‏.‏ وأما من تدبر أصول الشرع ومقاصده فإنه رأى الشارع لما أمر بالصوم أمر فيه بالاعتدال حتى كره الوصال وأمر بتعجيل الفطر وتأخير السحور وجعل أعدل الصيام وأفضله صيام داود وكان من العدل أن لا يخرج من الإنسان ما هو قيام قوته فالقيء يخرج الغذاء والاستمناء يخرج المنى والحيض يخرج الدم‏.‏
وبهذه الأمور قوام البدن، لكن فرق بين ما يمكن الاحتراز منه وما لا يمكن فالاحتلام لا يمكن الاحتراز منه وكذلك من ذرعه القيء وكذا دم الاستحاضة فإنه ليس له وقت معين بخلاف دم الحيض فإن له وقتًا معينًا فالمحتجم أخرج دمه وكذلك المفتصد بخلاف من خرج دمه بغير اختياره كالمجروح فإن هذا لا يمكن الاحتراز منه فكانت الحجامة من جنس القيء والاستمناء والحيض وكان خروج دم الجرح من جنس الاستحاضة والاحتلام وذرع القيء فقد تناسبت الشريعة وتشابهت ولم تخرج عن القياس‏.‏
والأظهر أنه لا يفطر بالكحل ولا بالتقطير في الإحليل ولا بابتلاع ما لا يغذي كالحصاة ولكن يفطر بالسعوط لقوله‏:‏ ‏(‏وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا‏)‏‏.‏