فصل في قول أن السلم على خلاف القياس
 
فصل
وأما قولهم‏:‏ السلم على خلاف القياس فقولهم هذا من جنس ما رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏لا تبع ما ليس عندك‏)‏ وأرخص في السلم‏.‏
وهذا لم يرو في الحديث وإنما هو من كلام بعض الفقهاء وذلك أنهم قالوا‏:‏ السلم بيع الإنسان ما ليس عنده فيكون مخالفًا للقياس ونهي النبي صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام عن بيع ما ليس عنده‏:‏ إما أن يراد به بيع عين معينة فيكون قد باع مال الغير قبل أن يشتريه وفيه نظر‏.‏
وإما أن يراد به بيع ما لا يقدر على تسليمه وإن كان في الذمة وهذا أشبه ‏;‏ فيكون قد ضمن له شيئًا لا يدري هل يحصل أو لا يحصل‏؟‏ وهذا في السلم الحال إذا لم يكن عنده ما يوفيه والمناسبة فيه ظاهرة‏.‏
فأما السلم المؤجل فإنه دين من الديون وهو كالابتياع بثمن مؤجل فأي فرق بين كون أحد العوضين مؤجلاً في الذمة وكون العوض الآخر مؤجلا في الذمة‏؟‏ وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏282‏]‏ وقال ابن عباس‏:‏ أشهد أن السلف المضمون في الذمة حلال في كتاب الله وقرأ هذه الآية فإباحة هذا على وفق القياس لا على خلافه‏.‏