فصل في قول إن المضي في الحج الفاسد على خلاف القياس
 
فصل وأما قولهم‏:‏ إن المضي في الحج الفاسد على خلاف القياس فليس الأمر كذلك فإن الله أمر بإتمام الحج والعمرة فعلى من شرع فيهما أن يمضي فيهما وإن كان متطوعًا بالدخول باتفاق الأئمة وهم متنازعون فيما سوى ذلك من التطوعات‏:‏ هل تلزم بالشروع‏؟‏ فقد وجب عليه بالإحرام أن يمضي إلى حين يتحلل وأن لا يطأ في الحج فإذا وطئ في الحج لم يمنع وطؤه ما وجب عليه من إتمام الحج‏.‏
ونظير هذا الصيام في رمضان لما وجب عليه الإتمام بقوله‏:‏ ‏{‏ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 187‏]‏‏.‏
فإذا أفطر لم يسقط عنه فطره ما وجب من الإتمام بل يجب عليه إتمام صوم رمضان وإن أفسده وهذا لأن الصيام له حد محدود وهو غروب الشمس كما للحج وقت مخصوص وهو يوم عرفة وما بعده ومكان مخصوص وهو عرفة ومزدلفة ومنى فلا يمكنه إحلال الحج قبل وصوله إلى مكانه كما لا يمكنه إحلال الصيام اللهم إلا إذا كان معذورًا كالمحصر فهذا كالمعذور في الفطر وهذا بخلاف الصلاة إذا أفسدها فإنه يبتديها ‏;‏ لأن الصلاة يمكنه فعلها في أثناء الوقت والحج لا يمكنه فعله في أثناء الوقت‏.‏