َ الفصل الرابع:السير في الأرض
 

بسم الله الرحمن الرحيم

السير في الأرض

والحقائق الكونية في القرآن تتوالى، والآيات تلو الآيات، ترينا اعجاز الخلق ودقته اخبار الخالق لنا عن أسرار السموات والأرض، الله سبحانه وتعالى بقول

قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين الأنعام 11

عندما نزلت هذه الآية الكريمة أخذنا معناها على أننا نسير في أنحاء الأرض، ولم ننتبه الى الحقيقة وهي أننا نسير على الأرض، أي فوق سطحها وليس في بطنها فكيف يقول لنا الحق

سيروا في الأرض

ولماذا لم يقل سيروا على الأرض؟! ثم تأتي الحقيقة العلمية وهي أننا فعلا نسير في الأرض، وليس على الأرض، لأن هناك غلافا جويا يحيط بالأرض وهو جزء منها، ونحن لا نخرج من الأرض الا اذا خرجنا من هذا الغلاف الجوي

فالطائرات التي تطير على ارتفاعات مختلفة تطير في الأرض وليس خارج الأرض، ولكن الذي يخرج من الأرض هي سفن الفضاء التي تتجاوز الغلاف الجوي للأرض، وبدون تجاوز هذا الغلاف لا تستطيع أن ترى صورة الأرض كاملة، لأنك ما دمت قد أصبحت خارج هذا الشيء تتضح أمامك الصورة، فأنت خارج العمار مثلا تستطيع أن تعرف شكل العمارة ولكنك من داخلها ومن أي مكان فيها لا تستطيع أن ترى الصورة كاملة

وعلى أية حال، فانه علميا أنت لا تكون خارج الأرض الا اذا خرجت من الغلاف الجوي المحيط بها، لأن الأرض والغلاف الجوي شيء واحد

وقوله تعالى

سيروا في الأرض

يجعلنا نتساءل أين نسير؟ نحن نسير حقيقة على سطح الأرض ولكننا نسير في الأرض، أي بين سطح الأرض والغلاف الجوي، فما تحتنا هو أرض وما فوقنا هو جزء مكمل للأرض، وهو الغلاف الجوي، وهكذا نرى دقة تعبير القرآن الكريم في وصفه لحركة الانسان في الأرض

واذا كان هذا الوصف يعطينا معجزة فان الأرض نفسها تعطينا معجزة أخرى