الفصل الخامس:وفي البحار أيضا
 

بسم الله الرحمن الرحيم

وفي البحار أيضا

فاذا تركنا السماء وأسرارها ونزلنا الى أعماق البحار وجدنا شيئا عجيبا، ان الصور الحديثة التي التقطت للبحار قد أثبتت أن بحار الدنيا ليست موحدة التكوين، بل هي تختلف في الحرارة والملوحة والكثافة ونسبة الأكسيجين، وفي صورة التقطت بالأقمار الصناعية، ظهر كل بحر بلون مختلف عن البحر الآخر، فبعضها أزرق قاتم، وبعضها أسود وبعضها أصفر، وذلك بسبب اختلاف درجات الحرارة في كل بحر عن الآخر، وقد التقطت هذه الصورة بالخاصية الحرارية، وبالأقمار الصناعية ومن سفن الفضاء، وظهر خط أبيض رفيع يفصل بين كل بحر وآخر، فاذا قرأت الآية الكريمة

مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان الرحمن 19_20

نجد أن وسائل العلم الحديثة قد وصلت الى تصوير البرزخ بين البحرين، وبينت معنى لا يبغيان، بأن مياه بحر حين تدخل الى البحر الآخر عن طريق البرزخ، فانها تأخذ وقت دخولها خصائص البحر الذي تدخل فيه، فلا تبغي مياه بحر على مياه بحر آخر فتغيرها

ولقد تم الوصول الى هذه الحقائق بعد اقامة مئات المحطات البحرية، والتقاط صور بالأقمار الصناعية، والذي قال هذا الكلام هو البروفيسور شرايدر، وهو من أكبر علماء البحر بألمانيا الغربية، كان يقول

اذا تقدم العلم فلا بد أن يتراجع الدين، لكنه عندما سمع معاني آيات القرآن الكريم بهت وقال

ان هذا لا يمكن أن يكون كلام بشر

ويأتي البروفيسور دورجاروا أستاذ علم جيولوجيا البحار ليعطينا ما وصل اليه العلم في قوله تعالى

أو كظلمات في بحر لجيّ يغشاه موج من فوقه موج سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور النور 40

فيقول

لقد كان الانسان في الماضي لا يستطيع أن يغوص بدون استخدام الآلات أكثر من عشرين مترا، ولكننا نغوص الآن في أعماق البحار بواسطة المعدات الحديثة فنجد ظلاما شديدا على عمق مائتي متر

الآية الكريمة تقول

بحر لجيّ، كما أعطتنا اكتشافات أعماق البحر صورة لمعنى قوله تعالى

ظلمات بعضها فوق بعض

فالمعروف أن ألوان الطيف سبعة، منها الأحمر والأصفر والأزرق والبرتقالي الى أخره، فاذا غصنا في أعماق البحر تختفي هذه الألوان واحدا بعد الآخر، واختفاء كل لون يعطي ظلمة

فالأحمر يختفي أولا ثم البرتقالي ثم الأصفر، وآخر ألوان الاختفاء هو اللون الأزرق على عمق مائتي متر، كل لون يختفي يعطي جزءا من الظلمة حتى تصل الى الظلمة الكاملة، أما قوله تعالى

موج من فوقه موج، فقد ثبت علميا أن هناك فاصلا بين الجزء العميق من البحر والجزء العلوي، وأن هذا الفاصل مليء بالأمواج، فكأن هناك أمواجا على حافة الجزء العميق من البحر وهذه لا نراها، وهناك أمواج على سطح البحر وهذه نراها، فكأنها موج من فوقه موج وهذه حقيقة علمية مؤكدة

ولذلك قال البروفيسور دورجاروا عن هذه الآيات القرآنية

ان هذا لا يمكن أن يكون علما بشريا