باب التيمم : فصـل: في قوله‏:‏ ‏{فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء}‏
 
فصـل
قال الله ـ عز وجل ـ‏:‏ ‏{وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 43‏]‏‏.‏
فقوله‏:‏ ‏{فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء}‏ يتعلق بقوله‏:‏ ‏{عَلَى سَفَرٍ}‏ لا بالمرض‏.‏ والمريض يتيمم وإن وجد الماء‏.‏ والمسافر إنما يتيمم إذا لم يجد الماء‏.‏ ذكر سبحانه وتعالى النوعين الغالبين‏:‏ الذي يتضرر باستعمال الماء، والذي لا يجده‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{عَلَى سَفَرٍ}‏ يعم السفر الطويل والقصير، كما قاله الجمهور‏.‏
وقوله‏:‏‏{وَإِن كُنتُم مَّرْضَى}‏ كقوله في آية الخوف‏:‏‏{وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 102‏]‏، وقوله في الإحرام‏:‏ ‏{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 196‏]‏، وفي الصيام‏:‏ ‏{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 184‏]‏، ولم يوقت الله ـ تعالى ـ وقتًا في المرض‏.‏
والذي عليه الجمهور‏:‏ أنه لا يشترط فيه خوف الهلاك، بل من كان الوضوء يزيد مرضه، أو يؤخر برأه، يتيمم‏.‏ وكذلك في الصيام والإحرام‏.‏ ومن يتضرر بالماء لبرد، فهو كالمريض عند الجمهور‏.‏ لكن الله ذكر الضرر العام‏.‏ وهو المرض‏.‏ بخلاف البرد‏.‏ فإنه إنما يكون في بعض البلاد لبعبض الناس الذين لا يقدرون على الماء الحار‏.‏
وكذلك ذكر المسافر الذي لا يجد الماء، ولم يذكر الحاضر، فإن عدمه في الحضر نادر‏.‏ لكن قد يحبس الرجل وليس عنده إلا ما يكفيه لشربه كما أن المسافر قد لا يكون معه إلا ما يكفيه لشربه وشرب دوابه، فهذا عند الجمهور عادم للماء فيتيمم‏.‏