باب التيمم : فَصــل: قوله‏ ‏{أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء}
 
فَصــل
ونذكر هذا على قوله‏:‏ ‏{أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 34‏]‏‏.‏
المراد به‏:‏ الجماع‏.‏ كما قاله ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وغيره من العرب‏.‏ وهو يروى عن علي ـ رضي الله عنه ـ وغيره‏.‏ وهو الصحيح في معنى الآية‏.‏ وليس في نقض الوضوء من مس النساء، لا كتاب ولا سنة‏.‏ وقد كان المسلمون دائمًا يمسون نساءهم‏.‏ وما نقل مسلم واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أنه أمر أحدًا بالوضوء من مس النساء‏.‏
وقول من قال‏:‏ إنه أراد ما دون الجماع، وإنه ينقض الوضوء، فقد روي عن ابن عمر والحسن ‏[‏باليد‏]‏ وهو قول جماعة من السلف في المس بشهوة، والوضوء منه حسن مستحب لإطفاء الشهوة، كما يستحب الوضوء من الغضب لإطفائه‏.‏ وأما وجوبه، فلا‏.‏
وأما المس المجرد عن الشهوة، فما أعلم للنقض به أصلاً عن السلف‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء}‏ ‏[‏المائدة‏]‏‏.‏ لم يذكر في القرآن الوضوء منه، بل إنما ذكر التيمم، بعد أن أمر المحدث القائم للصلاة بالوضوء‏.‏ وأمر الجنب بالاغتسال فذكر الطهارة بالصعيد الطيب، ولابد أن يبين النوعين‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ}‏ بيان لتيمم هذا‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{أَوْ لاَمَسْتُمُ}‏ لم يذكر واحدًا منهما لبيان طهارة الماء‏.‏
إذا كان قد عرف أصل هذا، فقوله‏:‏ ‏{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ}‏ وقوله‏:‏ ‏{وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 6‏]‏، فالآية ليس فيها إلا أن اللامس إذا لم يجد الماء يتيمم، فكيف يكون هذا من الحدث الأصغر‏؟‏ يأمر من مس المرأة أن يتيمم، وهو لم يأمره أن يتوضأ‏.‏ فكيف يأمر بالتيمم من لم يأمره بالوضوء‏؟‏ وهو إنما أمر بالتيمم من أمره بالوضوء والاغتسال‏.‏ ونظير هذا يطول، ومن تدبر الآية قطع بأن هذا هو المراد‏.‏