الفصل السادس:التعداد دليل مع القرآن
 

بسم الله الرحمن الرحيم

التعداد دليل مع القرآن

فاذا تركنا الأدلة اللغوية فاننا سنجد هناك دليلا احصائيا على وجود الحق سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى يقول

يا أيها الناس انّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، ان أكرمكم عند الله أتقاكم الحجرات 13

الحق سبحانه وتعالى يخبرنا أن الخلق بدأ من ذكر وأنثى وهما آدم وحواء، ثم جاء منهما كل هذا الخلق الذي نراه، الدليل الايماني على ذلك أن الله هو الذي قال، والدليل المادي على ذلك هو أن علم الاحصاء يقول ذلك، فاذا تتبعنا البشر في الكون نجد أن تعداد الناس في العالم اليوم يصل الى كذا بليون نسمة

فاذا فرضنا مثلا أن تعداد سكان العالم اليوم خمسة آلاف مليون، فكم كان عدد سكان العالم منذ قرن مضى، سنجد أن تعدادهم أقل، كان مثلا أربعة آلاف مليون ومنذ ثلاثة قرون مثلا كم كان عدد سكان العالم؟ طبعا كانوا أقل

ومنذ عشرين قرنا من الزمان كم كان عدد سكان العالم؟ نقول انهم كانوا بضعة ملايين، ومنذ ثلاثين قرنا من الزمان كم كان عدد سكان العالم؟ نقول كانوا مليونين أو ثلاثة، اذا كلما عدنا بالزمان الى الوراء نجد أن عدد البشرية يتناقص، وكلما تقدمنا بالزمن نجد أن عدد البشرية يتزايد، أليسن هذه حقيقة احصائية

أيستطيع أحد من الماديين أو غير المؤمنين أن ينكر أنه كلما عدنا بالزمن الى الوراء، فان عدد البشر يتناقص؟ واذا كانت هذه القاعدة المعترف بها، فمعنى ذلك أنه كلما عدنا الى الماضي تناقص عدد البشر، ويظل عدد البشر يتناقص ويتناقص حتى نصل الى نقطة البداية التي بدأت عندها حياة البشر، فتكون هذه النقطة من ذكر وأنثى

اذن التناقص في الأعداد البشرية الذي عرفناه وسجلناه بالاحصاءات لا بد أن ينتهي الى البداية التي بدأ منها تكاثر هذا الخلق وهما الذكر والأنثى، وكلما مرّ الزمن زادت أعداد البشر حتى وصلنا الى تعداد العالم الآن

فلو أن تعداد البشر كان يتناقص مع الزمن، أي أن الدنيا بدأت بألف مليون انسان وانتهت في عصرنا بمائة مليون، لكان ذلك يؤكد لنا أنه من المستحيل أن تكون البشرية قد بدأت بذكر وأنثى، لأن الدليل العلمي سيكون في هذه الحالة شاهدا على أن ذلك لا يمكن أن يحدث

ولكن كون البشر يتزايد عددهم مع مرور الزمن ويتناقص عددهم كلما عدنا الى الوراء في الماضي، حتى أنه في العصور الأولى لم تكن الا أجزاء صغيرة من الأرض يعيش فيها الناس، والباقي لا يوجد فيه أحد فهذا يعطينا الدليل على أن البداية كانت من ذكر وانثى

فاذا ذهبنا الى التاريخ فنحن نجد فيه الدليل المادي على وجود الله سبحانه وتعالى، وعلى علمه وعلى معجزاته، اقرأ قوله تعالى في هذه السورة الكريمة

ألم تر كيف ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميمهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول الفيل 1_5

هذه معجزة لم يأت بها رسول الله، ولم تنزل لتثبيت الايمان على قوم نبي كان يدعو قومه للايمان وهم لا يؤمنون، ولكنها حدثت لأثبات تاقدسية والحماية لبيت الله الحرام

ولقد ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفيل، وكانت هذه المعجزة علامة على أن دين الله الذي سينزل على هذا الرسول اذا تخلى عنه البشر جميعا، فان الله جل جلاله سيحميه ويحفظه

والقصة معروفة وبطلها ملك الحبشة في ذلك الوقت أبرهة، الذي بنى بيتا ليحج اليه الناس بدلا من الكعبة، وجاء بعض الأعراب وألقوا فيه القاذورات، فصمم أبرهة أن ينتقم بهدم الكعبة، وأخذ جيشا ضخما وعددا من الأفيال وذهب الى مكة، فلما رأى أهل مكة هذا الجيش هربوا وفروا، فجاء الطير وألقى عليهم بحجارة من جهنم قضت على أبلاهة وجيشه وأفياله في دقائق

القصة يرفض تصديقها عقل غير المؤمن، اذ كيف يمكن لطائر صغير أن يقضي على جيش من الفيال، بينما لو وقفت مئات من الطير على جسد فيل واحد لا يحس بها

ولقد توقف بعض العلماء عند هذه السورة الكريمة فقالوا

ان الله أرسل جراثيم لتقضي على أبرهة وجيشه، وكأنهم يريدون أن يسهلوا الأمر على الله، مع أن الله على كل شيء قدير، نقول

لقد ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفيل، وبعث في الأربعين، ونزلت هذه الصورة في مكة بداية الدعوة الاسلامية، وكان المفار هم القوة والعزة، والمسلمون هم القلة والضعف، وكان الكفار يبحثون عن أي شيء للطعن في الدين الاسلامي

نقول

ان هذه السورة نزلت في مكة، والرسول صلى الله عليه وسلم كلفه الله بالرسالة وعمره أربعون سنة، أي أن هناك من أهل مكة من كان يبلغ الخامسة والخمسين والستين من عمره والسبعين وقد شهدوا هذه المعجزة، ورأوها رؤية العين، ولو أن الطير لم تأت وجيش أبرهة لم يتم افناؤه في لحظات، لقال هؤلاء الناس

ان هذا الكلام غير صحيح، ولقد كنا موجودين في مكة في هذا الوقت ولم نر طيرا جاءت ولا جيشا أفنى، ولطعنوا بذلك في الاسلام وفي القرآن وفي أنه كلام الله ولكن كون الطير جاء، وكون المعجزة تمت، لم يجرؤ أحد من أعداء الاسلام أن يطعن فيه

وهكذا يعطينا الحق سبحانه وتعالى دليلا من التاريخ لمعجزة مشهودة حدثت، ويعطينا معها الدليل على صدق حدوثها، فاذا أضفنا الى ذلك ما ذكرناه سابقا عن قوله تعالى

الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون الروم 1_3

لوجدنا دليلا تاريخيا آخر، ثم ياتي بعد ذلك دليل ثالث يضاف الى هذه الأدلة التاريخية