حكم منى الإنسان وغيره : سئل:عن المني هل هو طاهر أم لا‏؟‏
 
وَسُئِلَ عن المني هل هو طاهر أم لا‏؟‏ وإذا كان طاهراً فما حكم رطوبة فرج المرأة إذا خالطه‏؟‏
فأجاب‏:‏
وأما المني، فالصحيح أنه طاهر، كما هو مذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه‏.‏
وقد قيل‏:‏ إنه نجس يجزئ فركه ـ كقول أبي حنيفة وأحمد في رواية أخري ـ وهل يعفي عن يسيره كالدم، أو لا يعفي عنه كالبول‏؟‏ على قولين هما روايتان عن أحمد‏.‏
وقيـل‏:‏ إنه يجب غسله ـ كقول مالك، والأول هو الصواب‏.‏ فإنه من المعلوم أن الصحابة كانوا يحتلمون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن المني يصيب بدن أحدهم وثيابه‏.‏ وهذا مما تعم به البلوي، فلو كان ذلك نجساً لكان يجب على النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بإزالة ذلك من أبدانهم وثيابهم، كما أمرهم بالاستنجاء، وكما أمر الحائض بأن تغسل دم الحيض من ثوبها، بل إصابة الناس المني أعظم بكثير من إصابة دم الحيض لثوب الحيض‏.‏
ومن المعلوم أنه لم ينقل أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أحداً من الصحابة بغسل المني من بدنه ولا ثوبه، فَعُلِم يقيناً أن هذا لم يكن واجباً عليهم، وهذا قاطع لمن تدبره‏.‏
وأما كون عائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت تغسله تارة من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، وتفركه تارة، فهذا لا يقتضي تنجيسه؛ فإن الثوب يغسل من المخاط والبصاق، والوســخ، وهكذا قال غير واحد من الصحابة ـ كسعد بن أبي وقاص،وابن عباس وغيرهما‏:‏ إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق أمطه عنك ولو بإذخرة‏.‏وسواء كان الرجل مستنجياً أو مستجمراً، فإن منيه طاهر‏.‏
ومن قال من أصحاب الشافعي وأحمد‏:‏ إن مني المستجمر نجس، لملاقاته رأس الذكر، فقوله ضعيف، فإن الصحابة كان عامتهم يستجمرون، ولم يكن يستنجي بالماء منهم إلا قليل جداً، بل كان كثير منهم كانوا لا يعرفون الاستنجاء، بل أنكروه، ومع هذا، فلم يأمر النبي أحداً منهم بغسل منيه، بل ولا فركه‏.‏
والاستجمار بالأحجار‏:‏ هل هو مطهر أو مخفف‏؟‏ فيه قولان معروفان‏.‏ فإن قيل إنه مطهر، فلا كلام‏.‏ وإن قيل إنه مخفف‏.‏ وأنه يعفي عن أثره للحاجة، فإنه يعفي عنه في محله، وفيما يشق الاحتراز عنه، والمني يشق الاحتراز منه، فألحق بالمخرج‏.‏